للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البخارى ومسلم. وعن أبى هريرة أنه- صلى الله عليه وسلم- نعى النجاشى فى اليوم الذى مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات «١» . رواه الشيخان أيضا. وعند البخارى من طريق ابن عيينة عن ابن جريج: «فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة» «٢» .

وبهذا الحديث استدل من منع الصلاة على الميت فى المسجد، وهو قول الحنفية والمالكية، لكن قال أبو يوسف: إن أعد مسجد للصلاة على الموتى لم يكن فى الصلاة فيه عليهم بأس.

قال النووى: ولا حجة فيه، لأن الممتنع عند الحنفية إدخال الميت المسجد، لا مجرد الصلاة عليه، حتى لو كان الميت خارج المسجد جازت الصلاة عليه لمن هو داخله.

وقال ابن بزبزة وغيره: استدل به بعض المالكية، وهو باطل، لأنه ليس فيه صيغة نهى، ولا احتمال أن يكون خرج بهم إلى المصلى لأمر غير المعنى المذكور، وقد ثبت أنه- صلى الله عليه وسلم- صلى على سهيل بن بيضاء فى المسجد، فكيف يترك هذا التصريح لأمر محتمل، بل الظاهر أنه إنما خرج بالمسلمين إلى المصلى لقصد تكثير الجمع الذين يصلون عليه، ولإشاعة كونه مات على الإسلام، فقد كان بعض الناس لم يدركونه أسلم، فقد روى ابن أبى حاتم فى التفسير، والدار قطنى فى الأفراد، والبزار، كلاهما عن أنس أن النبى- صلى الله عليه وسلم- لما صلى على النجاشى قال بعض أصحابه: صلى على علج من الحبشة؟ فنزلت وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ «٣» ، الآية، وله شاهد من حديث أبى سعيد عند الطبرانى فى معجمه الكبير، وزاد فيه: إن الذى طعن بذلك كان منافقا.

وقد قال البخارى: «باب الصلاة على الجنازة بالمصلى والمسجد» وروى حديثا عن ابن عمر أن اليهود جاؤا إلى النبى- صلى الله عليه وسلم- برجل منهم وامرأة زنيا


(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) سورة آل عمران: ١٩٩.