للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التاسع» ، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «١» . وهذا تصريح بأن الذى كان يصومه ليس هو التاسع، فتعين كونه العاشر. قاله النووى.

وقال القرطبى: عاشوراء معدول عن عاشر للمبالغة والتعظيم، وهو فى الأصل صفة الليلة العاشرة، لأنه مأخوذ من العشر الذى هو اسم للعقد، واليوم يضاف إليها، فإذا قيل يوم عاشوراء فكأنه قيل يوم الليلة العاشرة، إلا أنهم لما عدلوا به عن الصفة غلبت عليه الاسمية فاستغنوا عن الموصوف فحذفوا الليلة. وعلى هذا فيوم عاشوراء هو العاشر. وهذا قول الخليل وغيره. وقال ابن المنير: الأكثر على أن عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم، وهو مقتضى الاشتقاق والتسمية. وقال ابن القيم. من تأمل مجموع روايات ابن عباس تبين له زوال الإشكال وسعة علم ابن عباس، فإنه لم يجعل يوم عاشوراء اليوم التاسع بل قال للسائل صم اليوم التاسع، واكتفى بمعرفة السائل أن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر الذى يعده الناس يوم عاشوراء، فأرشد السائل إلى صوم التاسع معه، وأخبر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يصومه كذلك، فإما أن يكون فعل ذلك وهو الأولى، وإما أن يكون حمل فعله على الأمر به وعزمه عليه فى المستقبل، وهو الذى روى «أمرنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بصيام يوم عاشوراء يوم العاشر» «٢» وكل هذه الآثار يصدق بعضها بعضا. انتهى فليتأمل.

وعن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: كان يوم عاشوراء تصومه قريش فى الجاهلية، وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصومه فى الجاهلية، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فما فرض رمضان ترك عاشوراء، فمن شاء صامه


(١) صحيح: أخرجه مسلم (١١٣٤) فى الصيام، باب: أى يوم يصام فى عاشوراء، من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما-.
(٢) صحيح: أخرجه الترمذى (٧٥٥) فى الصوم، باب: ما جاء فى عاشوراء أى يوم هو. من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .