للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستشكل بتحريم الصوم يوم العيد؟ وأجيب: بأنه محمول على الغالب، والله أعلم. ويتأول قولها- يعنى عائشة-: «لم يصم العشر» أنه لم يصمه لعارض من مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائما فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه فى نفس الأمر، ويدل عليه حديث هنيدة بن خالد الذى ذكرته.

قال الحافظ ابن حجر: وقد وقع فى رواية القاسم بن أبى أيوب: «ما من عمل أزكى عند الله ولا أعظم أجرا من خير يعمله فى عشر الأضحى» «١» . وفى حديث جابر فى صحيحى أبى عوانة وابن حبان «ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذى الحجة» «٢» . فقد ثبتت الفضيلة لأيام عشر ذى الحجة على غيرها من أيام السنة، وتظهر فائدة ذلك: فيمن نذر الصيام أو علق عملا من الأعمال بأفضل الأيام، فلو أفرد يوما منها تعين يوم عرفة لأنه على الصحيح أفضل أيام العشر المذكور، فإن أراد أفضل أيام الأسبوع تعين يوم الجمعة، جمعا بين الحديث السابق وبين حديث أبى هريرة مرفوعا: «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة» «٣» . رواه مسلم. أشار إلى ذلك النووى فى شرحه، وقال الداودى: لم يرد- صلى الله عليه وسلم- أن هذه الأيام خير من يوم الجمعة لأنه قد يكون فيها يوم الجمعة، يعنى: فيلزم تفضيل الشئ على نفسه، وتعقب: بأن المراد: كل يوم من أيام العشر أفضل من غيره من أيام السنة، سواء كان يوم الجمعة أم لا، ويوم الجمعة فيه أفضل من يوم الجمعة فى غيره لاجتماع الفضيلتين فيه. والذى يظهر أن السبب فى امتياز عشر ذى الحجة إمكان اجتماع أمهات العبادات فيه وهى الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك فى غيرها. وعلى هذا: هل يخص الفضل بالحاج أو يعم المقيم؟ فيه احتمال. انتهى.


(١) صحيح: أخرجه الدارمى (١٧٧٧٤) فى الصوم، باب: فى فضل العمل فى العشر، وأصله فى الصحيح. من حديث ابن عباس- رضى الله عنهما-.
(٢) صحيح: أخرجه ابن حبان فى «صحيحه» (٣٨٥٣) .
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٨٥٤) فى الجمعة، باب: فضل يوم الجمعة، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.