للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حبان والحاكم عنه- صلى الله عليه وسلم- «من لم يسأل الله يغضب عليه» «١» . وقال عمر بن الخطاب- رضى الله عنه-: إنى لا أحمل همّ الإجابة ولكن هم الدعاء، فإذا أتممت الدعاء علمت أن الإجابة معه. وفى هذا يقول القائل:

لو لم ترد نيل ما أرجو وآمله ... من جود كفك ما عودتنى الطلبا

فإنه سبحانه وتعالى يحب تذلل عبيده بين يديه، وسؤالهم إياه، وطلبهم حوائجهم منه، وشكواهم منه إليه، وعياذتهم به منه، وفرارهم منه إليه. كما قيل:

قالوا أتشكو إليه ... ما ليس يخفى عليه

فقلت ربى يرضى ... ذل العبيد لديه

وقالت طائفة: الأفضل ترك الدعاء، والاستسلام للقضاء، وأجابوا عن قوله تعالى: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ «٢» بأن آخرها دل على أن المراد بالدعاء هو العبادة «٣» .

قال الشيخ تقى الدين السبكى: الأولى حمل الدعاء فى الآية على ظاهره. وأما قوله تعالى بعد ذلك عَنْ عِبادَتِي «٤» فوجه الربط أن الدعاء أخص من العبادة، فمن استكبر عن العبادة استكبر عن الدعاء، وعلى هذا:

فالوعيد إنما هو فى حق ترك الدعاء استكبارا، ومن فعل ذلك كفر، وأما تركه لمقصد من المقاصد فلا يتوجه إليه الوعيد المذكور، وإن كنا نرى أن ملازمة الدعاء والاستكثار منه أرجح من الترك لكثرة الأدلة الواردة فيه.


(١) حسن: أخرجه الترمذى (٣٣٧٣) فى الدعوات، باب: ما جاء فى فضل الدعاء، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-. والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .
(٢) سورة غافر: ٦٠.
(٣) صحيح: أخرجه الترمذى (٣٤٧٧) فى الدعوات، باب: ما جاء فى جامع الدعوات عن النبى من حديث فضالة بن عبيد- رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .
(٤) سورة غافر: ٦٠.