للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن أبى جمرة معناه: تنقل تلك البقعة بعينها فى الجنة، فتكون روضة من رياض الجنة، ويحتمل أن يكون المراد: العمل فيها يوجب لصاحبه روضة فى الجنة، قال: والأظهر الجمع بين الوجهين معا، يعنى احتمال كونها تنقل إلى الجنة، وكون العمل فيها يوجب لصاحبه روضة فى الجنة، قال:

ولكل وجه منهما دليل يعضده ويقويه من جهة النظر والقياس.

أما الدليل على أن العمل فيها يوجب روضة فى الجنة، فلأنه إذا كانت الصلاة فى مسجده- صلى الله عليه وسلم- بألف فيما سواه من المساجد، فلهذه البقعة زيادة على باقى البقع كما كان للمسجد زيادة على غيره.

وأما الدليل على كونها بعينها فى الجنة، وكون المنبر أيضا على الحوض، كما أخبر- صلى الله عليه وسلم- وأن الجذع فى الجنة، والجذع فى البقعة نفسها، فالعلة التى أوجبت للجذع الجنة هى فى البقعة سواء، على ما أذكره بعد- إن شاء الله تعالى-.

والذى أخبر بهذا أخبر بهذا، فينبغى الحمل على أكمل الوجوه، وهو الجمع بينهما، لأنه قد تقرر من قواعد الشرع أن البقعة المباركة، ما فائدة بركتها لنا، والإخبار بها لنا إلا لتعميرها بالطاعات، فإن الثواب فيها أكثر، وكذلك الأيام المباركة أيضا، فعلى هذا يكون الموضع روضة من رياض الجنة الآن، ويعود روضة كما كان فى موضعه، ويكون للعامل فيه روضة فى الجنة، وهو الأظهر لوجهين: أحدهما: لعلو منزلته- صلى الله عليه وسلم-، ولما خص الخليل- عليه السّلام- بالحجر من الجنة، خص الحبيب- صلى الله عليه وسلم- بالروضة من الجنة.

وها هنا بحث: لم جعلت هذه البقعة من بين سائر البقع روضة من رياض الجنة؟ فإن قلنا: تعبد، فلا بحث، وإن قلنا: لحكمة فحينئذ يحتاج إلى البحث.

والأظهر أنه لحكمة، وهى أنه قد سبق فى العلم الربانى بما ظهر أن الله عز وجل فضله على جميع خلقه، وأن كل ما كان منه بنسبة ما من جميع