للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وليس المراد أن يكون من أطاع الله وأطاع الرسول مع النبيين والصديقين كون الكل فى درجة واحدة، لأن هذا يقتضى التسوية فى الدرجة بين الفاضل والمفضول، وذلك لا يجوز، فالمراد كونهم فى الجنة بحيث يتمكن كل واحد منهم من رؤية الآخر وإن بعد المكان، لأن الحجاب إذا زال شاهد بعضهم بعضا، فإذا أرادوا الرؤية والتلاقى قدروا على ذلك، فهذا هو المراد من هذه المعية.

وقد ثبت فى الصحيحين من حديث أنس، أن رجلا قال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال: «وما أعددت لها؟» قال: لا شئ إلا أنى أحب الله ورسوله، قال: «أنت مع من أحببت» ، قال أنس: فما فرحنا بشئ فرحنا بقول النبى- صلى الله عليه وسلم-: أنت مع من أحببت، قال أنس: فأنا أحب النبى- صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبى إياهم «١» .

وفى الحديث الإلهى الذى رواه حذيفة- كما عند الطبرانى بسند غريب- أنه تعالى قال: «ما تقرب إلى عبدى بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه» «٢» الحديث. وفيه من الزيادة على حديث البخارى: «ويكون من أوليائى وأصفيائى، ويكون جارى مع النبيين والصديقين والشهداء فى الجنة» «٣» .

فلله درها من كرامة بالغة، ونعمة على المحبين سابغة، فالمحب يرقى فى درجات الجنات على أهل المقامات، بحيث ينظر إليه كما ينظر إلى الكوكب الغابر فى أفق السماوات لعلو درجته وقرب منزلته من حبيبه، ومعيته معه، فإن المرء مع من أحب، ولكل عمل جزاء، وجزاء المحبة المحبة والوصول والقرب من المحبوب.


(١) متفق عليه: أخرجه البخارى (٣٦٨٨) فى المناقب، باب: مناقب عمر بن الخطاب، ومسلم (٢٦٣٩) فى البر والصلة، باب: المرء مع من أحب. من حديث أنس- رضى الله عنه-.
(٢) أصله فى البخارى (٦٥٠٢) فى الرقاق، باب: التواضع. من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.
(٣) أخرجه أبو نعيم فى الحلية والحاكم فى تاريخه وابن عساكر والديلمى، وفيه إسحاق بن يحيى الكعبى هالك يأتى بالمناكير عن الأثبات، قاله المتقى الهندى فى «كنز العمال» (٤٣٦٠٠) .