للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معونة، مستدلا بقوله تعالى: وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ «١» .

قال الحافظ أبو الفضل بن حجر: وهو استدلال واه، فإن الآية نزلت فى شأن بنى قريظة، فإنهم هم الذين ظاهروا الأحزاب، وأما بنو النضير فلم يكن لهم فى الأحزاب ذكر، بل كان من أعظم الأسباب فى جمع الأحزاب ما وقع من إجلائهم، فإنه كان من رؤسهم حيى بن أخطب، وهو الذى حسن لبنى قريظة الغدر، وموافقة الأحزاب حتى كان من هلاكهم ما كان فكيف يصير السابق لاحقا. انتهى.

وقد تقدم قريبا أن عامر بن الطفيل أعتق عمرو بن أمية لما قتل أهل بئر معونة عن رقبة عن أمه، فخرج عمرو إلى المدينة فصادف رجلين من بنى عامر معهما عقد وعهد من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لم يشعر به عمرو، فقال لهما عمرو من أنتما؟ فذكرا له أنهما من بنى عامر، فتركهما حتى ناما فقتلهما عمرو، وظن أنه ظفر ببعض ثأر أصحابه، فأخبر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بذلك فقال: «لقد قتلت قتيلين لأدينهما» «٢» .

قال ابن إسحاق وغيره: ثم خرج- صلى الله عليه وسلم- إلى بنى النضير ليستعين بهم فى دية ذينك القتيلين اللذين قتلهما عمرو بن أمية، للجوار الذى كان- صلى الله عليه وسلم- عقده لهما، وكان بين بنى النضير وبين بنى عامر عقد وحلف.

فلما أتاهم- صلى الله عليه وسلم- يستعينهم فى ديتهما قالوا: يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت مما استعنت بنا عليه، ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا: إنكم لن تجدوه على مثل هذا الحال. وكان- صلى الله عليه وسلم- إلى جنب جدار من بيوتهم.

وقالوا: من رجل يعلو على هذا البيت فيلقى هذه الصخرة عليه فيقتله ويريحنا منه؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب فقال: أنا لذلك، فصعد ليلقى عليه الصخرة ورسول الله فى نفر من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعلى- رضى الله عنهم-.


(١) سورة الأحزاب: ٢٦.
(٢) ذكره الهيثمى فى «المجمع» (٦/ ١٢٩) وقال: رواه الطبرانى ورجاله ثقات.