للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتج من قال بأن الاسم عين المسمى أيضا بقوله تعالى: بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى «١» ثم قال: يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ «٢» فنادى الاسم فدل على أنه المسمى.

وجوابه: أن المعنى: يا أيها الغلام الذى اسمه يحيى، ولو كان الاسم عين المسمى لكان من قال: النار، احترق لسانه، ومن قال: العسل، ذاق حلاوته.

وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى، وقد سمى الله تعالى نبينا صلى الله عليه وسلم- بأسماء كثيرة فى القرآن العظيم وغيره من الكتب السماوية، وعلى ألسنة أنبيائه- عليهم الصلاة والسلام-.

ثم إن أشهر أسمائه- صلى الله عليه وسلم-: محمد، وبه سماه جده عبد المطلب وذلك أنه لما قيل له: ما سميت ولدك؟ فقال: محمدا، فقيل له: كيف سميته باسم ليس لأحد من آبائك وقومك؟ فقال: لأنى أرجو أن يحمده أهل الأرض كلهم. وذلك لرؤيا كان رآها عبد المطلب- كما ذكر حديثها على القيروانى العابر فى كتابه «البستان» - قال: كان عبد المطلب قد رأى فى المنام كأن سلسلة من فضة قد خرجت من ظهره، لها طرف فى السماء، وطرف فى الأرض، وطرف فى المشرق وطرف فى المغرب، ثم عادت كأنها شجرة، على كل ورقة منها نور، وإذا أهل المشرق والمغرب كأنهم يتعلقون بها.

فقصها، فعبرت له بمولود يكون من صلبه يتبعه أهل المشرق وأهل المغرب، ويحمده أهل السماء وأهل الأرض، فلذلك سماه محمدا، مع ما حدثته به أمه آمنة حين قال لها: إنك حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وضعتيه فسميه محمدا.

وعن ابن عباس- رضى الله عنهما-: لما ولد النبى- صلى الله عليه وسلم- عق عنه عبد المطلب وسماه محمدا فقيل له: يا أبا الحارث، ما حملك على أن سميته محمدا،


(١) سورة مريم: ٧.
(٢) سورة مريم: ١٢.