للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[تشريف الله تعالى له صلى الله عليه وسلم]]

اعلم يا ذا العقل السليم، والمتصف بأوصاف الكمال والتتميم- وفقنى الله وإياك بالهداية إلى الصراط المستقيم- أنه لما تعلقت إرادة الحق تعالى بإيجاد خلقه، وتقدير رزقه، أبرز الحقيقة المحمدية من الأنوار الصمدية «١» فى الحضرة الأحدية، ثم سلخ منها العوالم كلها، علوها وسفلها، على صورة حكمه، كما سبق فى سابق إرادته وعلمه، ثم أعلمه تعالى بنبوته، وبشره برسالته، هذا وآدم لم يكن إلا- كما قال، بين الروح والجسد «٢» ، ثم انبجست منه- صلى الله عليه وسلم- عيون الأرواح، فظهر بالملأ الأعلى، وهو بالمنظر الأجلى، فكان لهم المورد الأحلى، فهو- صلى الله عليه وسلم- الجنس العالى على جميع الأجناس، والأب الأكبر لجميع الموجودات والناس «٣» .

ولما انتهى الزمان باسم الباطن فى حقه- صلى الله عليه وسلم- إلى وجود جسمه، وارتباط الروح به، انتقل حكم الزمان إلى الاسم الظاهر، فظهر محمد صلى الله عليه وسلم- بكليته جسما وروحا، فهو- صلى الله عليه وسلم- وإن تأخرت طينته، فقد عرفت قيمته، فهو خزانة السر، وموضع نفوذ الأمر، فلا ينفذ أمر إلا منه، ولا ينقل خير إلا عنه:

ألا بأبى من كان ملكا وسيدا ... وآدم بين الماء والطين واقف

فذاك الرسول الأبطحى محمد ... له فى العلا مجد تليد وطارف

أتى بزمان السعد فى آخر المدى ... وكان له فى كل عصر مواقف


(١) عبارة غامضة، تكلفها الخلف، ولم ترد عن السلف.
(٢) صحيح: أخرجه الترمذى (٣٦٠٩) فى المناقب، باب: ما جاء فى فضل النبى- صلى الله عليه وسلم-، والحاكم فى «مستدركه» (٢/ ٦٦٥) ، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .
(٣) قلت كما تقدم، عبارات تكلفها الخلف، ولم ترد عن السلف.