للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الهاجرة قاموا، فتكلم خطباؤهم فأبلغوا ورغبوا إلى المسلمين فى رد سبيهم، ثم قام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين فرغ، فشفع لهم وحض المسلمين عليه، وقال: «قد رددت الذى لبنى هاشم عليهم» «١» ، وفى رواية ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:

وأدركه وفد هوازن بالجعرانة، وقد أسلموا، فقالوا: يا رسول الله، إنا أهل وعشيرة، وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك. فامنن علينا منّ الله عليك، وقام خطيبهم زهير بن صرد فقال: يا رسول الله، إن اللواتى فى الحظائر من السبايا خالاتك وعماتك وحواضنك اللاتى كن يكفلنك، وأنت خير مكفول ثم أنشد:

امنن علينا رسول الله فى كرم ... فإنك المرء نرجوه وندخر

الأبيات المشهورة الآتية- إن شاء الله تعالى-.

وروينا فى المعجم الصغير للطبرانى من ثلاثياته، عن زهير بن صرد الجشمى يقول: لما أسرنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم حنين- يوم هوازن- وذهب يفرق السبى والشاء أتيته فأنشأت أقول هذا الشعر:

امنن علينا رسول الله فى كرم ... فإنك المرء نرجوه وندخر

امنن على بيضة قد عاقها قدر ... مشتت شملها فى دهرها غير

أبقت لنا الدهر هتافا على حزن ... على قلوبهم الغماء والغمر

إن لم تداركهم نعماء تنشرها ... يا أرجح الناس حلما حين تختبر

امنن على نسوة قد كنت ترضعها ... إذ فوك تملؤه من مخضها الدرر

إذ أنت طفل صغير كنت ترضعها ... وإذ يزينك ما تأتى وما تذر

لا تجعلنا كمن شالت نعامته ... واستبق منا فإنا معشر زهر

إنا لنشكر للنعماء إذ كفرت ... وعندنا بعد هذا اليوم مدخر

فألبس العفو من قد كنت ترضعه ... من أمهاتك إن العفو مشتهر

يا خير من مرحمت كمت الجياد به ... عند الهياج إذا ما استوقد الشرر


(١) انظر «دلائل النبوة» للبيهقى (٥/ ١٩٠- ٢٠٠) .