للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومزاجه أبرد من كل ما تقدم ذكره من الجوارح وأرطب، وبهذا السبب يضرى على الغزال والأرنب، ولا يضرى على الطير لأنها تفوته، وهو أهدأ من البازى نفسا، وأسرع أنسا بالناس، وأكثرها قنعا، يتغذى بلحوم ذوات الأربع، ولبرد مزاجه لا يشرب ماء، ولذلك يوصف بالبخر ونتن الفم كما قال الدميرى.

ومن شأنه ألا يأوى إلى الأشجار، ولا رؤس الجبال، إنما يسكن المغارات والكهوف، وصدوع الجبال.

وأول من صاد به الحارث بن معاوية بن ثور، واتخذه العرب بعده.

[(ج) الأحكام الفقهية:]

يحرم أكل الصقر لعموم النهى عن أكل كل ذى ناب من السباع ومخلب من الطير.

[(د) وإليك ما جاء فى السنة النبوية الشريفة عن الصقر.]

[٣٥٢] روى أحمد فى مسنده: عن أبى هريرة، أن النبى صلّى الله عليه وسلم قال: «كان داود- عليه السلام- فى غيرة شديدة، فكان إذا خرج أغلق الأبواب فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع. قال: فخرج ذات يوم، وغلقت الدار، فأقبلت امرأته تطلع إلى الدار، فإذا رجل قائم وسط الدار، فقال له داود: من أنت؟ قال: أنا الذى لا أهاب الملوك، ولا أمنع من الحجاب. فقال داود: أنت إذن والله ملك الموت مرحبا بأمر الله. ثم مكث مكانه حتى قبضت روحه، فلما غسّل وكفّن وفرغ من شأنه طلعت عليه الشمس، فقال سليمان للطير:

أظلّى على داود فأظلته الطير حتى أظلمات عليه الأرض، فقال سليمان الطير:

اقبضى جناحا جناحا. قال أبو هريرة- رضى الله عنه- فطفق رسول الله صلّى الله عليه وسلم يرينا كيف فعلت الطير، وقبض رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيده. وغلبت عليه يومئذ المضرحية» «١» .


(١) انفرد بإخراجه الإمام أحمد وإسناده جيد، ورجاله ثقات. وانظر: «مجمع الزوائد» للهيثمى (٨/ ٢٠٦) . ومعنى قوله: «وغلبت عليه يومئذ المضرحية» أى غلبت على التظليل عليه الصقور الطوال الأجنحة، وأحدها مضرحى. قال الجوهرى: وهو الصقر الطويل الجناح.

<<  <   >  >>