للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بركة، كانت تخدم أم حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة أين البول الذي كان في القدح؟

قالت: شربته قال: صحة يا أم يوسف فما مرضت قط، حتى كان مرضها الذي ماتت فيه رواه عبد الرزاق في مصنفه. وأبو داود متصلا عن ابن جريج، عن حكيمة عن أمها أميمة.

وصحح ابن دحية أنهما قصتان وقعتا لإمرأتين وقد وضح أن بركة أم يوسف غير بركة أم أيمن، وهو الذي ذهب إليه البلقيني قلت: وحكيمة المذكورة بضم الحاء المهملة وفتح الكاف مصغر كما في التبصير وغيره تابعية، وفي الاصابة عن أبي نعيم: لم يرو عنها إلا ابن جريج ونحوه في مختصر التهذيب، فإنه لم يذكر لها راويا سواه، وفي مرقاة الصعود للسيوطي: لم يرو عن حكيمة إلا ابن جريج. زاد الذهبي: روي عنها بصيغة عن أي وهو مدلس فيتقي من حديثه ما عنعن فيه. وكذا لأبي داود وأبي نعيم. لكن في الإستيعاب وجامع الرّعيني بصيغة التحديث. فإن ثبت، فلم يبق إلا الجهل بحكيمة فقد قال الذهبي في الميزان: في ترجمة حكيمة: غير معروفة، قال الزرقاني المالكي على قوله عليه السلام لها:

صحة بكسر الصاد والنصب أي جعله الله صحة، أو الرفع أي ما شربته صحة أي سبب لها.

وفيه إن قول ذلك مستحب للشارب، ويقاس عليه الأكل. وحكمته: أنه يخشى منهما السقم ونحوه كما قيل:

فإن الداء أكثر ما تراه ... يكون من الطعام أو الشراب

اهـ منه ص ٢٦٨ من الجزء الرابع.

وقال الشهاب الخفاجي في شرح الشفا على الحديث المذكور ص ٤٥١ من الجزء الأول ما نصه: في قوله عليه السلام: صحة. ما يدل على أن الدعاء به بعد الشرب سنة لا بدعة اهـ ثم وجّه بما سبق عن الزرقاني، وأنشد البيت المذكور أيضا. وفي حاشية النور على الشبراملسي على المواهب على قوله: صحة أيضا: يوخذ منه أن قول صحة سنة، وينبغي أن يكون مثل الشرب الأكل اهـ.

وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن الحاج العبدري المالكي في المدخل ص ١٩٦ من الجزء الأول: قول: صحة لمن يفرغ من الشرب، وإن كان دعاء حسنا، فاتخاذه عند الشرب بدعة. فإن قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم أيمن، لما أن شربت بوله: صحة فهذا ليس فيه حجة، فإنه لم يكن ثم ماء يشرب، وإنما هو البول وهو إذا شرب عاد بالضرر، فقال عليه السلام: صحة لينفي عنها ما تتوقعه، مما جرت به العادة من بول غيره بخلاف شرب الماء. ويدل على ذلك أنّه لم ينقل عنه عليه السلام هذا اللفظ في غير هذا الموطن، ولا عن أحد من الصحابة والسلف فلم يبق إلا أن يكون بدعة اهـ وهو وجيه، إلّا أن آداب الإسلام لا تنافي التهنئة بالشراب والأكل. وقول صحة للشارب جرت مجرى الليل والنهار، في المغرب الأوسط، حتى ربما كنت أستثقل هناك الشراب لأجل تهافتهم على تهنئة الشارب بها من أفواه جميع من حضر. وفي الحجاز ومصر يقولون: هنيئا مريئا. وربما يقام

<<  <  ج: ص:  >  >>