للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتب كتابين إلى أهل قريتين فترب إحدهما ولم يترب الآخر فأسلمت القرية التي ترّب كتابها.

وهذا المعنى موجود في المكاتبات والولايات وغيرهما، لطلب البركة والنجاح في جميع ذلك؛ ولا فرق في ذلك بين أن يكون المكتوب قد جفّ أم لا؛ لأن القصد إنما هو للنجح والبركة. المعنى الثاني: التجفيف لما كتبه بطرح التراب عليه كي لا ينمحي بما يصيبه قبل الجفاف، وهذا المعنى أضعف من الأول. ومقتضاه إذا جفّ الكتاب لا يترب.

وعليه عمل كتاب الزمان، ومن هنا يضعون التراب على آخر الكتاب من حيث إنه أقرب عهدا بالكتابة إلى التجفيف بخلاف أول الكتاب، فإنه يكون قد جفّ عند نهاية الكتابة غالبا، لا سيما في الزمن الحار أو مع طول الكتابة وامتداد زمن كتابته. على أن صاحب مواد البيان وغيره من قدماء الكتاب قد صرّحوا بأنه: يستحب وضع التراب على البسملة، ثم يمره الكاتب منها على سائر المكتوب لتعم الكتابة بركة البسملة اهـ «١» .

فصل في اصطلاح المكاتيب النبوية «٢»

عنون عن هذا الفصل القلقشندي فقال: ذكر ترتيب كتبه صلى الله عليه وسلم في الرسائل على سبيل الإجمال. كان صلى الله عليه وسلم يفتتح أكثر كتبه بلفظ: (من محمد رسول الله) إلى فلان. وربما افتتحها بلفظ: أما بعد. وربما افتتحها بلفظ: هذا كتاب. وربما افتتحها بلفظ: سلم أنت. وكان يصرح في الغالب باسم المكتوب في أول المكاتبات. وربما اكتفى بشهرته (أي بما اشتهر به كالقيصر ونحوه) فإن كان المكتوب إليه ملكا كتب بعد ذكر اسمه عظيم القوم الفلانيين.

وربما كتب ملك القوم الفلانيين. وربما كتب: صاحب مملكة كذا. وكان يعبر عن نفسه صلى الله عليه وسلم في أثناء كتبه بلفظ الافراد مثل: إني ولي وجاءني ووفد علي وما أشبه ذلك. وربما أتى بلفظ الجمع مثل بلغنا وجاءنا ونحو ذلك، وكان يخاطب المكتوب إليه عند الافراد بكاف الخطاب مثل لك وعليك وتاء المخاطب مثل أنت قلت كذا وكذا وجعلت كذا وعند التثنية بلفظها مثل أنهما ولكما وعليكما. وعند الجمع بلفظة مثل: أنتم ولكم وعليكم وما أشبه ذلك. وكان يأتي في صدور كتبه بالسلام فيقول في خطاب المسلم: سلام عليك. وربما قال: السلام على من ابتع الهدى. وربما أسقط السلام في صدر الكتاب، وكان يأتي في صدور المكاتب بالتحميد بعد السلام فيقول: فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو.

وربما تركه. وقد يأتي بعد التحميد بالتشهد، وقد لا يأتى به وكان يتخلص في صدر الكتاب إلى المقصود تارة بأما بعد، وتارة بغيرها، وكان يختم كتابه بالسلام تارة فيقول في خطاب


(١) وهنا أفاض المؤلف رحمه الله في بيان فضيلة تتريب الكتاب وبيان الأحاديث الواردة فيه ونقد رجالها في تسع صفحات تقريبا مما وجدت ضرورة اختصاره والاكتفاء بما ذكره أعلاه. مصححه.
(٢) لقد جمع العلامة الدكتور محمد حميد الله جميع المكاتب النبوية تحت عنوان: مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة وطبع في بيروت عن دار النفائس طبعة متقنة ١٩٨٧

<<  <  ج: ص:  >  >>