للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجْراً عَظِيماً [الفتح: ١٠] «١» وأمر بمبايعة المؤمنات في قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الممتحنة: ١٢] وبايع النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بيعتين، قال المرجاني: ومعنى البيعة في عرف اللغة ومقصود الشرع: العهد على الطاعة، على أنهم يسلمون لربها النظر في أمور أنفسهم، لا ينازعونه في شيء من ذلك، ويطيعونه فيما يكلفهم به من الأمر، على المنشط والمكره شبهت حالهم في مصافحتهم بأيديهم، تأكيدا لعهدهم بفعل البائع والمشتري، وسميت بيعة. وعلى هذا النحو؛ كانت بيعة النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة وعند الشجرة، وحيثما وردت هذه اللفظة.

وقد ترجم البخاري: كيف يبايع الإمام الناس؛ والمراد الصيغ القولية لا الفعلية، فذكر فيها البيعة على السمع والطاعة، وعلى الهجرة، وعلى الجهاد، وعلى الصبر، وعلى عدم الفرار، ولو وقع الموت، وعلى بيعة النساء، وعلى الإسلام، وكل ذلك وقع عند البيعة بينهم فيه بالقول.

وقال الحافظ بن الجوزي: جملة من أحصي من المبايعات له عليه السلام من النساء أربعمائة وسبع وخمسون امرأة، لم يصافح على البيعة امرأة، وإنما بايعهن بالكلام اهـ.

ثم إنه عليه السلام لم يكن يشترط في المبايعين البلوغ، فقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن الزبير، وهو ابن سبع سنين. قال القرطبي: كانت مبايعته صلى الله عليه وسلم لأصحابه بحسب ما يحتاج إليه من تجديد عهد أو توكيد أمر اهـ.

وكان أول ما يشترط في البيعة بعد التوحيد إقامة الصلاة، ثم الزكاة، ثم يعلم كل قوم ما حاجتهم إليه أمسّ.

وفي الصحيح عن جابر «٢» : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم، وإنما بايع جابرا على النصيحة لأنه كان سيد قومه، فأرشده إلى تعليمهم، والنصح لهم. وقد بوّب البخاري باب من بايع مرتين، وباب بيعة الاعراب، وباب بيعة الصغير، وباب من بايع ثم استقال البيعة، وباب من بايع رجلا لا يبايعه إلا للدنيا، وباب بيعة النساء، وباب من نكث بيعته فانظره.

وكان الخلفاء من بني أمية وبني العباس يؤكدون البيعة بالاستحلاف، واستيعاب أنحاء الإيمان، وربما كانت على الإكراه، ولما أفتى مالك بسقوط يمين المكره ناله من المحنة ما


(١) قراءة نافع: فسنؤتيه. وأما قراءة حفص وغيره: فسيؤتيه. مصححه.
(٢) رأيت في البخاري اسم جرير بن عبد الله البجلي مرتين: في كتاب الصلاة ج ١ ص ١٣٣ وفي كتاب الزكاة ج ٢ ص ١١٠. وفي مسلم كتاب الايمان باب ٢٣: عن جرير: ج ١/ ص ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>