للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلناه لكم كيلا، وإن شئتم عددناه لكم عدا. فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، قد رأيت الأعاجم يدونون لهم ديوانا فدوّن أنت ديوانا، فاستشار عمر رضي الله عنه الناس في تدوين الديوان، فقال عثمان: أرى مالا كثيرا يسع الناس وإن لم يحصوا، حتى يعلم من أخذ ممن لم يأخذ خشيت أن ينتشر الأمر، فقال خالد بن الوليد: قد كنت بالشام فرأيت ملوكا لهم دواوين، وجندوا أجنادا فدوّن ديوانا وجنّد جنودا. فأخذ عمر بقوله، ودعا عقيل بن أبي طالب، ومخرمة بن نوفل، وجبير بن مطعم، وكانوا من شبّان قريش فقال: اكتبوا الناس على منازلهم» .

وفي وفيات الأسلاف للشهاب المرجاني ص ٣٦٨: وأول من وضع ديوان العساكر في الدولة الإسلامية عمر، في محرم سنة عشرين. أمر عقيل بن أبي طالب، ومخرمة وجبيرا من كتاب قريش، فكتبوا ديوان الجيش، بالابتداء من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما بعدها «١» ، على ترتيب الأنساب الأقرب فالأقرب اهـ وقد استظهر الخزاعي هنا، وفصّل أن كتابة الناس في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وتدوينهم، إنما كانت في أوقات مخصوصة؛ نحو كتبهم حين أمر حذيفة بإحصاء الناس، وكذلك العطاء في عصره عليه السلام لم يكن له وقت معين، ولا مقدار معين. فلما كثر الناس في خلافة عمر، وجبيت الأموال، وتأكدت الحاجة إلى ضبطهم وضع الديوان بعد مشاورة الصحابة، على ترتيب الأنساب الأقرب فالأقرب اهـ ولكن وجدت في كتاب بدائع الصنائع: للإمام علاء الدين الكاساني الحنفي، حين تكلم على ما كان يعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لرؤساء قريش، وصناديدهم مثل: أبي سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، والأقرع بن حابس التميمي وأمثالهم، وذكر أن أبا بكر وعمر ما أعطيا المؤلفة قلوبهم شيئا. قال: فإنه روى أنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاؤوا إلى أبي بكر، واستبدلوا الخط منه لسهامهم، فبدل لهم الخط. ثم جاؤوا إلى عمر وأخبروه بذلك فأخذ الخط من يدهم ومزقه. وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطيكم ليؤلفكم على الإسلام، فأما اليوم فقد أعز الله دينه. فانصرفوا إلى أبي بكر فأخبروه ما صنع عمر، وقالوا: أنت الخليفة أم هو؟

فقال: إن شاء الله هو، فلم ينكر أبو بكر قوله وفعله، وبلغ الصحابة فلم ينكروا اهـ انظر ص ٤٥ من الجزء الثاني.

وهذا يدل على أن الناس في زمنه عليه السلام كانوا يأخذون العطاء بالضبط والتقييد، فيدل ذلك على وقوع التدوين، وجعل قوائم للمعطون، وهذا هو الديوان بعينه. فتأمل ذلك.

وفي صبح الأعشى ص ١١ من ج ١، بعد أن نقل عن القضاعي، أن الزبير بن العوام، وجهم بن الصلت، كانا يكتبان له عليه السلام أموال الصدقات، وأن حذيفة بن اليمان كان يكتب له خرص النخل ما نصه: فإن صح ذلك فتكون هذه الدواوين قد وضعت في زمانه عليه السلام اهـ.


(١) كذا والصواب، وما بعده. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>