للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في البلاد التي يدونون أمورها، ونظير هذا في الغرابة ما في الروض القرطاس «١» لدى كلامه على القرويين وخطبائها ص ٤٥؛ أن الدولة الموحدية لما حكم رجالها فاس، عزلوا خطيبها وقدموا غيره؛ لأجل حفظه اللسان البربري، قال ابن أبي زرع: لأنهم كانوا لا يقدمون للخطابة والإمامة إلا من يحفظ التوحيد باللسان البربري اهـ منه.

وعبارة ابن القاضي في الجذوة ص ٣٣ ثم دخل الموحدون المدينة؛ يعني فاس.

فصرفوه أي الخطيب الذي وجدوه عن الخطبة، وقدموا مكانة أبا الحسن بن عطية، لأجل حفظه اللسان البربري فخطب به اهـ.

تنبيه: قد سبق العرب علماء أوروبا في حل رموز الخطوط القديمة، وترجمة كتبها إلى اللغة العربية، وبواسطة كتب العرب في ذلك وصلت أوروبا إلى ما وصلت إليه، في معرفة اللغات والخطوط القديمة، وقد ألف في القرن الرابع أو أواخر الثالث أحمد بن وحشية النبطي المتوفى سنة ٣٢٢ كتابه شوق المستهام إلى معرفة رموز الأقلام، وهو كتاب عجيب جمع فيه مؤلفه صور الخطوط القديمة التي تداولتها الأمم الماضية، وترجم جميعها إلى اللغة العربية، ووضعها بطريقة تسهل للمطلع عليها، أن يترجم ما على الآثارات من الكتابة، على اختلاف أنواعها إلى اللغة العربية، في زمن لا يتجاوز للنبيه أربع ساعات، وقد ترجم الإنكليز هذا الكتاب منذ مائة وثلاثين سنة، وبانتشاره سهل الإطلاع على ما كان مجهولا من أخبار وأحوال وعلوم الأمم الماضية لأهل القرون الخالية.

[فصل في أي سن يجيز الإمام من يرسم في الديوان]

«خرّج الترمذي عن نافع عن ابن عمر قال: عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش وأنا ابن أربع عشرة فلم يقبلني، ثم عرضت عليه من قابل في جيش وأنا ابن خمسة عشر فقبلني، فحدثت عمر بن عبد العزيز بهذا الحديث فقال: هذا حد ما بين الصغير والكبير:

ثم كتب أن يفرض لمن بلغ الخامسة عشرة» .

قلت: ترجم في الإصابة نافع بن خديج فقال: عرض على النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر فاستصغره، وأجازه يوم أحد، وترجم أيضا لزيد بن حارثة الأنصاري، فذكر أن ابن منده روى أن المصطفى استصغر ناسا يوم أحد، منهم زيد بن حارثة، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم وسعد بن جبية «٢» ، وابن عمر، وجابر، وترجم فيها أيضا لعمرو بن أبي وقاص القرشي، فذكر أن الحاكم أخرج من طريق إسماعيل بن محمد بن سعد عن عمه عامر بن سعد عن أبيه قال: عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش يوم بدر، فرد عمرو بن أبي وقاص فبكى عمرو، فأجازه معه وعليه حمائل سيفه، وأخرج ابن سعد عن سعد قال: رأيت أخي عمرو بن أبي وقاص قبل أن يعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر متواريا فقلت: مالك يا أخي؟ قال:


(١) هكذا في الأصل المطبوع: الروض القرطاس.
(٢) كذا ولم أعثر عليه في الإصابة ولا في سيرة ابن هشام. مصححه.

<<  <  ج: ص:  >  >>