للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه غفلة عظيمة، وجرأة على الأنبياء، إذ يلزم منه خلوّ بعض أهل العزم عليهم السلام من علم الحقيقة، الذي لا يجوز خلو بعض آحاد الأولياء عنه، وخلو الخضر بل بقية بعض الأنبياء عن علم الحقيقة، وأعجب من ذلك أنه بين له وجه الخطأ فأجاب بقوله: مرادي الجمع بين الحكم والقضاء هـ.

وقد أجاب المؤلف الجلال عن هذا الإعتراض في مؤلف له سماه: الباهر في حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالباطن والظاهر، ثم أتى بملخص التأليف وأمثلة حكمه عليه السلام بالظاهر والباطن، وبأحدهما فقط.

ذكر من دوّن في النوازل التي نزلت في حياته عليه السلام وحكم فيها

أفرد النوازل التي نزلت في حياته عليه السلام، وحكم فيها جماعة من الأئمة بالتأليف أشهرها شيخ الفقهاء في عصره، الإمام محمد بن فرج، مولى ابن الطلاع الأندلسي المتوفى سنة ٤٩٧، وهو ممن رحل إليه الناس من كل قطر، واستجازه الحافظ أبو علي الصدفي، وأبو الربيع الكلاعي، وترجمه ابن فرحون في الديباج ص ٢٧٥. ويعرف كتاب ابن الطلاع في الموضوع: بكتاب أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو كتاب عظيم الشأن نادر الوجود، ظفرت بنسخة منه في تونس في غاية التصحيف، ثم ظفرت منه بنسخة أخرى عتيقة بفاس صحيحة، إلا أنها مخروقة وهو في مجلدة متوسطة في أوله بعد الفاتحة: هذا كتاب أذكر فيه ما انتهى إليّ من أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي قضي فيها أو أمر بالقضاء فيها، إذ لا يحل لمن تقلد الحكم بين الناس، أن يحكم إلا كما أمر الله عز وجل في كتابه، أو بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حكم به، أو بما أجمع العلماء عليه، أو بدليل من هذه الوجوه الثلاثة الخ.

ورأيي في هذا الكتاب أن مطالعته متعينة على كل مسلم، وبالأسف: أن أكثر من يمكنه أن يطالعه إذا طالعه اليوم لا ليحكم بما فيه، ولكن يعتبر به كما يعتبر بسائر الماجريات القديمة، وقد ذكر في آخره؛ أن الذي حمله على جمعه أنه وجد لأبي بكر بن أبي شيبة صاحب المسند، كتابا ترجمه بكتاب: أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه، إلا أقضية قليلة وهو كتاب صغير، ثم نقل عن ابن أبي شيبة قوله: نظرت فيما قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمر بالقضاء فيه، فلم نجد إلا نحو مائة حديث، فرأيت أن أتتبع أقضيته عليه السلام تبركا ومحبة فيها، وحرصا على الاقتداء بها ووقوفا عند أوامره ونواهيه، ثم عدد الكتب التي استمد منها، وهي أربعة وثلاثون مصنفا، فأنت تراه وقع له مع ابن أبي شيبة مثل ما وقع لي مع الخزاعي في التخريج، وفي النية إن شاء الله الإلتفات إلى كتابة ابن الطلاع هذه، وتقديمها للعالم الإسلامي هدية بعد تحرير القول فيها، وجمع ما يصح استدراكه عليه، كما فعلنا في هذا الموضوع نسأل الله التيسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>