للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم عليا إلى اليمن فقال: علمهم الشرائع، واقض بينهم. فقال: لا علم لي بالقضاء، فدفع في صدره وقال: اللهم اهده للقضاء. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقصة بعثه عليه السلام عليا قاضيا لليمن خرجها أبو داود في سننه وأحمد وإسحاق بن راهواه، وأبو داود الطيالسي في مسانيدهم وغيرهم، انظر نصب الراية، وتلخيص الحبير.

وبوّب عليه الحافظ محب الدين الطبري، في كتابه «ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى» باب: ذكر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له رضوان الله عليه؛ حين ولاه قضاء اليمن، ثم ساق عن علي قال: لما بعثني رسول الله إلى اليمن قاضيا، وأنا حديث السن فقلت: يا رسول الله تبعثني إلى قوم يكون بينهم أحداث ولا علم لي بالقضاء، فقال صلى الله عليه وسلم: إن الله سيهدي لسانك، ويثبت قلبك، قال فما شككت في قضاء بين اثنين. أخرجه أحمد. قال الطبري: والمراد بالأحداث: الأمور الحادثة اهـ.

وفي أحكام ابن العربي: وأما ولايته القضاء؛ فقدم النبي صلى الله عليه وسلم في حياته علي بن أبي طالب، حين بعثه إلى اليمن. وقدم النبي صلى الله عليه وسلم غيره من ولاته اهـ منها.

وقد قال القرافي في الفروق: يقدم في القضاء من هو أعرف بالأحكام الشرعية، وأشد تفطنا لحجج الخصوم وخدعهم، وهو معنى قوله عليه السلام: أقضاكم علي. أي هو أشد تفطنا لحجج الخصوم وخدع المتحاكمين. وبه يظهر الجمع بينه وبين قوله عليه السلام أعلمكم بالحلال والحرام معاذ، وإذا كان معاذ أعرف بالحلال والحرام كان أقضى الناس، غير أن القضاء لما كان يرجع إلى معرفة الحجج والتفطن لها كان أمرا زائدا على معرفة الحلال والحرام، فقد يكون الإنسان شديد المعرفة بالحلال والحرام، وهو يخدع بأيسر الشبهات، فالقضاء عبارة عن هذا التفطن اهـ.

«ومنهم معاذ بن جبل بعثه النبي صلى الله عليه وسلم كما في الاستيعاب إلى الجند، يعلم الناس القرآن وشرائع الإسلام، ويقضي بينهم، وجعل له قبض الصدقات من العمال الذين باليمن، وذلك عام فتح مكة» .

أخرج الطبراني؛ قال الشامي برجال الصحيح عن مسروق قال: كان أصحاب القضاء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستا عمر، وعليا وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبا موسى الأشعري.

وأخرج أحمد «١» والحاكم عن معقل بن يسار: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقضي [بين قوم فقلت: ما أحسن أن أقضي يا رسول الله] . قال: إن الله مع القاضي ما لم يحف عمدا، وجاءه صلى الله عليه وسلم خصمان فقال لعمر: إقض بينهما، وكذا قال لعقبة في خصمين جاآه: إقض


(١) رواه في ٥/ ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>