للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطعام «١» ، وفيه أيضا عن سالم عن أبيه: رأينا الذين يبيعون الطعام مجازفة (والمجازفة بيع الشيء بغير كيل ولا وزن ولا عدد) يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه، حتى يذهبوا به إلى رحالهم. قال ابن عبد البر في الإستيعاب: إستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم سعيد بن سعيد بن العاص بعد الفتح على سوق مكة» .

قلت: ترجمه في الإصابة وذكر أن ابن شاهين ذكر عن بعض شيوخه: أن إسلامه كان قبل الفتح بيسير، فاستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على سوق مكة، وفي الإستيعاب: سمراء بنت نهيك الأسدية أدركت النبي صلى الله عليه وسلم، وعمرت، وكانت تمر في الأسواق تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتنهى الناس عن ذلك بسوط معها.

وفي التيسير في أحكام التسعير للقاضي أبي العباس أحمد بن سعيد: من شرط المحتسب أن يكون ذكرا إذ الداعي للذكورة أسباب لا تحصى وأمور لا تستقصى، ولا يرد ما ذكر ابن هارون: أن عمر ولى الحسبة في سوق من الأسواق امرأة تسمى الشفاء، وهي أم سليمان بن أبي حثمة الأنصارية، لأن الحكم للغالب والنادر لا حكم له. وتلك القضية من الندور بمكان، ولعله في أمر خاص يتعلق بأمور النسوة اهـ.

عبارة ابن عبد البر: وكانت تمر في الأسواق، وتنهى عن المنكر، وتنهى الناس.

صريحة في خلاف تأويله؛ نعم: عبارته كالصريحة في أنها لم تولّ ذلك في زمنه عليه السلام، ويؤيده ما في جمهرة ابن حزم: كان عمر إستعملها على السوق.

وفي أحكام القرآن لابن العربي على قوله تعالى: إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ [النمل: ٢٣] وقد روي أن عمر قدم امرأة على حسبة السوق ولم يصح، قلا تلتفتوا إليه.

وإنما هو من دسائس المبتدعة في الأحاديث اهـ منها.

ومما سبق عن ابن عبد البر من الجزم بما ذكر في ترجمة سمراء. وعن القاضي ابن سعيد من توجيه أن ولايتها كانت في أمر خاص يتعلق بأمر النساء ما ينحلّ به إيراد ابن العربي، وإلا فهو وجيه؛ لأن المرأة كما قال هو أيضا في الأحكام لا يتأتى لها أن تبرز إلى المجالس، وتخالط الرجال وتفاوضهم مفاوضة النظير للنظير، لأنها إن كانت فتاة حرم النظر إليها وكلامها، وإن كانت متجألة برزة لم يجمعها والرجال مجلس تزدحم فيه معهم ولم يعلم قط من تصور هذا ولا أعتقده اهـ منها.

وفي التيسير لابن سعيد أيضا: إعلم أن الحسبة من أعظم الخطط الدينية، فلعموم مصلحتها وعظيم منفعتها، تولى أمرها الخلفاء الراشدون. لم يكلوا أمرها إلى غيرهم، مع ما كانوا فيه من شغل الجهاد، وتجهيز الجيوش للمكافحة والجلاد اهـ منه.


(١) انظر كتاب البيوع باب ٤٩ ص ٢٠/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>