للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أهل ولا على مال، ولا على أحد إذا أتته الصدقة، بعث إليهم بها. ولم يتناول منها شيئا وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها» .

أردت أن أبسط القول هنا على أهل الصفة وأحوالهم وعددهم ومن كان على طعامهم لتقصير الخزاعي هنا فأقول؛ قال عياض: الصفة بضم الصاد وتشديد الفاء ظلة في مؤخر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يأوي إليها المساكين وإليها تنسب أهل الصفة على أشهر الأقاويل.

وقال الحافظ الذهبي: إن القبلة قبل أن تتحول كانت في شمال المسجد فلما حولت القبلة بقي حائط القبلة الأعلى مكان أهل الصفة، وقال الحافظ ابن حجر: الصفة مكان في آخر المسجد النبوي مظلل أعد لنزول الغرباء فيه، ممن لا مأوى له ولا أهل وكانوا يكثرون فيه ويقلون بحسب من يتزوج منهم أو يسافر، وقال المجد نقلا عن الدارقطني: الصفة هي ظلة كان المسجد في مؤخرها، وفي التوشيح للسيوطي: الصفة بصاد وفاء محل وراء الحجرة النبوية مظلل معد لنزول الغرباء فيه ممن لا مأوى له ولا أهل في مؤخر المسجد إلا أنه يحسب الآن في مؤخرهما معا، محاذيا للحجرة، فالكل داخل فيه في وقتنا اهـ.

ثم قال المجد وذكر ابن جبير في رحلته عند ذكر قباء قال: وفي آخر الغرفة تل مشرف يعرف بعرفات يدخل إليه دار الصفة، حيث كان عمار وسلمان وأصحابهما المعروفون بأهل الصفة، وكأن هذا وهم والله أعلم، قال السيد السمهودي في الوفا: يظهر لي من قول عياض فيما قدمناه عنه على أشهر الأقوال أن في ذلك خوفا، فيكون ما ذكر ابن جبير أحد الأقوال لكنه مرجوح أو مؤول بأن من ذكر من أهل الصفة اتخذوا تلك الدار بعد فاشتهرت بذلك.

وفي تلبيس إبليس لابن الجوزي: أهل الصفة كانوا فقراء يقدمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما لهم أهل ولا مال فبنيت لهم صفة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل أهل الصفة.

وأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق أبي هريرة: كنت من أهل الصفة، وكنا إذا أمسينا حضرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأمر كل رجل فينصرف برجلين أو أكثر، فيبقى من بقي عشرة أو أكثر أو أقل فيؤتي النبي صلى الله عليه وسلم بعشائه فيتعشى معهم، فإذا فرغنا قال ناموا في المسجد.

وروى ابن شبة قال: كان من قدم المدينة فكان من له بها عريف (رئيس) نزل على عريفه، ومن لم يكن له بها عريف نزل الصفة، فكنت ممن نزل الصفة، فرافقت رجلين كانا يجريان عليهما كل يوم مدّين من تمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن النجار: روى أهل السير أن محمد بن مسلمة رأى أضيافا عند النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فقال: نفرق هذا الأضياف في دور الأنصار، ونجعل لك في كل حائط قنوا ليكون لمن يأتيك من هؤلاء الأقوام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ بلى فلما وجد ماله أتى بقنو، فجعله من المسجد بين ساريتين، ويجعل الإقناء على الحبل، ويجمع العشرين أو أكثر فيأكلون وينصرفون، ويأتي غيرهم فيفعل بهم مثل ذلك فإذا كان الليل فعل بهم مثل ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>