للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ماله قراضا. وأخرج أيضا عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه أن عثمان دفع إليه مالا مضاربة على النصف.

وفي مقدمات ابن رشد: أول قراض كان في الإسلام قراض يعقوب مولى الحرقة مع عثمان بن عفان، وذلك أن عمر بن الخطاب بعث من يقيم من السوق من ليس بفقيه. فأقيم يعقوب فيمن أقيم. فجاء إلى عثمان فأخبره فأعطاه مزود تبر قراضا على النصف، وقال له:

إن جاءك من يعترضك فقل: المال لعثمان فقال ذلك. فلم يقم. فجاء بمزودين؛ مزود رأس المال ومزود ربح اهـ.

قلت: ومنهم خديجة بنت خويلد أم المؤمنين، فقد علم أنه كان لها مال كبير وتجارة تبعث إلى الشام، فيكون عيرها كعامة عير قريش، وكانت تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة. ولما خرج عليه السلام في تجارتها مع غلامها ميسرة قالت: أنا أعطيك ضعف ما أعطي قومك، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج إلى سوق بصرى، وباع سلعته التي أخرج، واشترى غيرها، وقدم بها فربحت ضعف ما كانت تربح، فأربحت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعف ما سمت له أنظر ترجمة خديجة من طبقات ابن سعد.

«ومنهم الزبير بن العوام قال ابن عبد البر: كان الزبير تاجرا مجدودا «١» في التجارة.

وقيل له يوما: أدركت في التجارة ما أدركت؟ فقال: لم أشتر عيبا ولم أرد ربحا والله يبارك لمن يشاء وذكر ابن عبد البر أيضا؛ كان للزبير ألف مملوك يؤدون إليه الخراج» .

«ومنهم عبد الرحمن بن عوف في الصحيح: قال: لما قدمنا المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع، فقال سعد بن الربيع: إني أكثر الأنصار مالا فأقسم لك نصف مالي، وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها، فإذا حلّت تزوجتها. فقال له عبد الرحمن بن عوف: لا حاجة لي في ذلك. هل من سوق فيه من تجارة؟ فدله عليه قال فغدا إليه عبد الرحمن، فأتى بشيء باعه الغد واستفضل، ثم تابع الغد فما لبث أن جاء وعليه صفرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تزوجت؟ قال: نعم قال ابن عبد البركان عبد الرحمن بن عوف تاجرا مجدودا في التجارة، واكتسب مالا كثيرا فصولحت امرأته التي طلقها في مرضه، من ثلث الثمن بثلاثة وثمانين ألفا. وروى ابن عيينة أنها صولحت عن ربع الثمن من ميراثه» .

ومنهم سعد بن عائذ المؤذن مولى عمار بن ياسر. ترجمه في الاصابة فقال: كان يتجر في القرظ، وهو ورق يدبغ به كقشر البلوط فقيل له سعد القرظ. وروى البغوي أنه اشتكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قلة ذات يده، فأمره بالتجارة فخرج إلى السوق، فاشترى شيئا من قرظ فباعه فربح فيه. فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأمره بلزوم ذلك.

ومنهم منقذ بن عمرو الأنصاري الصحابي المدني، روى ابن إسحاق عن محمد بن


(١) مجدودا أي ذا جّد، وهو الحظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>