للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنباتات، ووصف نفسه سبحانه بأنه هو الذي أخرج للحاجات فقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ [الأنعام: ٩٩] أي بالماء نبت كل شيء فاخرجنا منه يعني الماء خضرا يعني أخضر نخرج به حبا متراكبا سنابل البر والشعير والأرز والذرة وسائر الحبوب يركب بعضه على بعض وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ [الأنعام: ١٤١] وهو ما انبسط على الأرض وانتشر كالعنب والقرع وهو شجر الدباء والبطيخ وغيرها. وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ [الأنعام ١٤١] ما قام على ساق كالنخل والزرع وسائر الأشجار ثم قال: وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ، أي ثمرة وطعمه الحامض والمر، والحلو، والردي، وقال تعالى: وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ [الرعد: ٤] أي متقاربات متدانيات يقرب بعضها من بعض في الجوار ويختلف في التفاضل وجنات أي من بساتين من أعناب وزرع وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ والصنوان النخلات يجمعها أصل واحد تشعب منه الرؤوس فيكون نخلا وقال سبحانه: يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [النحل: ١١] وقال تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ [السجدة: ٢٧] وهي التي لا نبات فيها فنخرج به زرعا وقال تعالى: وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا [يس: ٣٣] وقال: وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ [ق: ٩] وقال: وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ [الرحمن: ١٠] فيها فاكهة إلى قوله والحب يعني جميع الحبوب مما تحرث الأرض من الحنطة والشعير وغيرهما ذو العصف يعني الورق أول ما يبدو وقال نخرج به: حَبًّا وَنَباتاً وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً [عمّ: ١٦] يعني بساتين ملتفة وقال:

فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا [عبس: ٢٥] الآية وقال: جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً [الكهف: ٣٢] يعني جعلنا حول الأعناب النخل ووسط الأعناب الزرع كذا ذكره الثعالبي وغيره.

وفي أحكام القرآن للإمام الجصاص الحنفي على قوله تعالى: هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها [هود: ٦١] يعني أمدكم من عمارتها بما تحتاجون إليه وفيه الدلالة على وجوب عمارة الأرض للزراعة والغراس والأبنية اهـ انظر ص ١٦٥ من ج ٣.

وفي صحيح مسلم «١» أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم مبشر الأنصارية في نخل لها فقال:

لا يغرس مسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة وهو في صحيح البخاري على وجه آخر، وبوب عليه بقوله: باب فضل الزرع والغرس إذا أكل منه وروى القرطبي وروى البزار وأبو نعيم في الحلية عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبع يجري أجرهن للعبد وهو في قبره، من علم علما أو أجرى نهرا أو


(١) انظر ج ٢ ص ١١٨٨ باب فضل الغرس والزرع من كتاب المساقاة والبخاري ج ٣/ ٦٦ أول كتاب الحرث.

<<  <  ج: ص:  >  >>