للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلي ويقول: إن هذا الحنفي لصاحب طين. وحديثه الذي عزاه الخزاعي لابن فتحون خرّجه ابن حبان في صحيحه: عن طلق بن علي الحنفي قال: بنيت المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فأخذت المسحاة بمخلطة الطين فكأنه اعجبه فقال: دعوا الحنفي والطين، فإنه اضبطكم للطين، وفي البيان والتحصيل لابن رشد، عن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: وقف على قبر فكأنه رأى باللبنة خلطا فأمر بأن يصلح وقال: إن الله يحب إذا عمل العبد عملا أن يحسنه ويتقنه «١» .

قلت: هاهنا تتمات لتراجم البناء.

(الأولى) وهنا نسوق قول الشيخ أبي محمد عبد القادر الفاسي، كما في التعليق الذي قيد عنه على الصحيح على قول الراوي: ما أكل عليه السلام شاة مسموطة، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يترك هذا ومثله، مع وجوده إنما كان يأكل ما تيسر فلو سيق إليه المسموط وغيره لأكله، أو السكرجة وهي الأواني الرفيعة، أو الخوان وهي المائدة اهـ وكذا القول في بناآته صلى الله عليه وسلم وهيئة مساكنه.

(الثانية) في ذكر خريطة مسكن مارية بالعوالي، ترجم الحافظ ابن الأبار دفين تونس، في تكميل الصلة البشكوالية لمحمد بن حزم بن بكر التنوخي الطلمنكي، المعروف بابن المديني فقال: صحب محمد بن مسرة قديما واختص بمرافقته في طريق الحج، ولازمه بعد انصرافه وحكى عن ابن مسرة أنه كان في سكناه بالمدينة يتتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم، قال ودله بعض أهل المدينة على دار مارية أم إبراهيم سرية النبي صلى الله عليه وسلم، فقصد إليها فإذا دويرة لطيفة بين البساتين بشرق المدينة عرضها وطولها واحد قد شق في وسطها بحائط وفرش على حائطها خشب غليظ يرتقي إلى ذلك الفرش على خارج لطيف وفي أعلى ذلك بيتان وسقيفة كانت مقعد النبي صلى الله عليه وسلم في الصيف، قال: فرأيت أبا عبد الله بعد ما صلى في البيتين والسقيفة، وفي كل ناحية من نواحي تلك الدار أخذ البيتين بشبره فكشفته بعد انصرافي، وهو ساكن في الجبل عن ذلك فقال: هذا البيت الذي تراه فيه بنيته على تلك الحكاية في العرض والطول بلا زيادة ولا نقصان اهـ من نسختي من التكملة العتيقة المنسوخة سنة نيف وثلاثين وستمائة وعليه جرى طبع الجزء الأول منها بباريز.

(الثالثة) اذكر فيها توسع الحال عليه صلى الله عليه وسلم، وما جاد به وأعطى لسائليه، مما لا يقدر عليه ملك كريم. قال الحافظ السخاوي، نقلا عن القاضي عياض في الشفا، أوتي صلى الله عليه وسلم خزائن الأرض، ومفاتيح البلاد، وأحلت له الغنائم، ولم تحل لأحد قبله، وفتح عليه في حياته بلاد الحجاز، واليمن وجميع بلاد العرب وما دانى ذلك من الشام والعراق. وجلب إليه من أخماسه، وجزياتها، وصدقاتها، ما لا يجبى للملوك إلا بعضه، وهادنه جماعة من ملوك الأقاليم، فما استأثر بشيء ولا أمسك منه درهما، بل صرفه مصارفه، وأغنى به غيره


(١) قال المناوي في التيسير: رواه البيهقي في شعب الإيمان وإسناده ضعيف عن عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>