للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الآبي قال عياض في قول عائشة: كنت ألعب بالبنات. الحديث: فيه جواز اللعب بها وتخصيص النهي عن اتخاذ الصور، لما فيها من تدريب النساء في صغرهن على النظر في بيوتهن وأولادهن، وقد أجاز العلماء بيعها وشراءها.

[رقص الحبشة في المسجد النبوي إمامه عليه السلام]

جاء الحبشة بحرابهم يلعبون في المسجد، فكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يريهم لعائشة، وهي متكئة على منكبه. خرّجه البخاري «١» في مواضع منها: باب نظر المرأة إلى الحبشة ونحوهم من غير ريبة من كتاب النكاح، وفي ترجمة انس من مسند أحمد: كانت الحبشة يزفنون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرقصون ويقولون: محمد عبد صالح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يقولون؟

قالوا: يقولون: محمد عبد صالح اهـ انظر ص ١٥٢ من ج ٣.

وفي جامع الترمذي «٢» بلفظ: قام صلى الله عليه وسلم فإذا حبشية تزفن بفتح الفوقية وسكون الزاي وكسر الفاء وبالنون ترقص والصبيان حولها، فقال: يا عائشة تعالي فانظري فجئت فوضعت لحيي على منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلت أنظر إليها [أي إلى الحبشية] ما بين المنكب إلى رأسه فقال لي: أما شبعت أما شبعت؟ فجعلت أقول: لا لا وقال حسن صحيح غريب.

قال الزرقاني في شرح المواهب ص ٣١١ من ج ٤ لعله أراها لعبهم لتضبطه وتعلمه فتنقله بعد للناس اهـ واصله لابن بطال قال: يمكن أن يكون تركها لتنظر اللعب بالحراب لتضبط السنة في ذلك، وتنقل الحركات المحكمة إلى بعض من يأتي من ابناء المسلمين، وتعرفهم بذلك اهـ نقله عنه شارح الإحياء.

وقال القاضي عياض: فيه أقوى دليل على إباحة الرقص إذ زاد النبي صلى الله عليه وسلم على إقراراهم أن أغراهم اهـ. نقله المواق في سنن المهتدين والونشريسي في المعيار، وأقراه وإذا علمت كما سبق عن مسند أحمد أنهم كانوا يرقصون ويقولون: محمد عبد صالح ظهر لك أن تسميته لعبا تجوّز، وإلا فذكر المصطفى لا يكون معه اللعب، وإنما يكون في الجد. وانظر لقول الغزالي في كتاب السماع من الأحياء:

واجب أن يصان القرآن عن الضرب بالدف ونحوه، لأن صورة هذه الأمور صورة اللهو واللعب، والقرآن جدّ كله، فلا يجوز أن يمزج بالحق المحض ما هو لهو عند العامة، وصورته صورة اللهو عند الخاصة، وإن كانوا لا ينظرون إليها من حيث إنها لهو؛ ولذلك لا يجوز الضرب بالدف مع قراءة القرآن ليلة العرس، ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت الربيّع بنت معوّذ بن عفراء وعندها جوار يغنين، فسمع احداهين تقول: وفينا نبي يعلم ما في غد، على وجه الغناء فقال عليه السلام: دعي هذا وقولي ما كنت تقولين. وهذه شهادة بالنبوة،


(١) انظر ج ٦ ص ١٥٩ من كتاب النكاح باب ١١٤.
(٢) انظر ج ٥ ص ٦٢١ من كتاب المناقب باب ١٧ ورقم الحديث ٣٦٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>