للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحسن تأديبها وعلّمها فأحسن تعليمها. ثم بوب البخاري «١» أيضا باب عظة الأمام النساء وتعليمهن، فذكر فيه خروج المصطفى، ومعه بلال فظن أنه لم يسمع النساء فوعظهن وأمرهن بالصدقة.

قال الحافظ: نبه بهذه الترجمة على أن ما سبق من الندب إلى تعليم الأهل ليس مختصا بأهلهن، بل ذلك مندوب إلى الإمام الأعظم، ومن ينوب عنه اهـ.

ثم بوّب البخاري «٢» أيضا باب: هل يجعل للنساء يوما على حدة؟ فذكر قول النساء لرسول الله صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوما من نفسك، فوعدهن يوما لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن اهـ.

ومن اللطائف أن الإمام أبا إسحاق الأسفرايني، ذهب إلى أن الأحكام والأحاديث التي يرويها الرجال والنساء إذا تعارضت، فالمقدم مروي المرأة. قال: وأضبطية جنس الذكر إنما تراعى حيث ظهرت في الآحاد، وإلا فكثير من النساء أضبط من كثير من الرجال، وصوّبه الزركشي، ونقله عنه العراقي وأقره. وعكس السبكي في جمع الجوامع؛ فجعل من المرجّحات كون الراوي ذكرا. قال المحلي: لأنه أضبط منها في الجملة، قال العبادي: ظاهر تقديم خبر الذكر حتى على خبر الأنثى التي علمت أضبطيتها. وفيه نظر ولا يبعد تخصيص هذا إذا جهل الحال. أما لو علمت اضبطية تلك الأنثى فيقدم خبرها اهـ.

وثالثها: يرجحّ الذكر في غير أحكام النساء؛ بخلاف أحكامهن؛ لأنهن اضبط فيها. ومن الأئمة من فصّل: فجعل محل تقديم الذكر على الأنثى إن لم تكن الأنثى صاحبة الواقعة المروية، وذكر التاج السبكي في ترشيح التوشيح عن والده: أن السر في نكاح أكثر من أربع نسوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله أراد نقل بواطن الشريعة وظواهرها، وما يستحيا من ذكره وما لا يستحيا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدّ الناس حياء، فجعل الله له نسوة؛ ينقلن من الشرع ما يرينه من أفعاله، ويسمعنه من أقواله، التي قد يستحيا من الأفصاح بها بحضرة الرجال، فيتكمل نقل الشريعة. وكثر عدد النساء لتكثير الناقلين لهذا النوع. ومنهن عرف غالب مسائل الغسل والحيض والعدة وغيرها، وأيضا فقد نقلن ما لم ينقله غيرهن مما رأينه في منامه، وحالة خلوته من الآيات البينات على نبوته، ومن جده واجتهاده في العبادة، ومن أمور يشهد كل ذي لب بأنها لا تكون إلا لنبي. وما كان يشاهدها غيرهن، فحصل بذلك خير عظيم. ثم نقل نحوه عن صاحب التعجيز. انظر حواشي العطار على المحلى.

[باب في اعتناء الصحابة بحفظ وضبط ما كانوا يسمعون منه عليه السلام وكيفية ذلك]

أخرج أبو نعيم عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه عند صلاة العشاء فقال:


(١) كتاب العلم ص ٣٣ ج ١ باب ٣٢.
(٢) كتاب العلم ص ٣٤ ج ١ باب ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>