للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في بلاد المغرب، وبالجملة وإن كان ابتداء هذه الصناعة في أهل الصين ولكن الأسلاميين إهتموا في إصلاحها، وبلغوها إلى غاية كمالها، ونشروها في الأقطار، وكثّروها في الأمصار، ومنهم انتقل إلى أوروبا. وكان قبل ظهور الإسلام يكتب في القضيم «١» ، ولا يتيسر للأكثر لندرته وغلاء قيمته، فظهرت صناعة اتخاذ الكاغد في الإسلام، واعتنى أهله حتى جاؤوا من وراء الغاية، بحيث يظهر في الصفحة صورة الناظر، وتكون على ألوان مختلفة ونقوش مستحسنة اهـ.

وفي المطالع النصرية للشيخ نصر الهوريني: وكان الصحابة ومن تبعهم قبل أن يكثر الكاغد أي الورق الذي كان يجلب من الهند، يكتبون آيات القرآن وغيرها على عسيب السعف، وهو الأصل العريض من جريدة النخل، وعلى الألواح من اكتاف الغنم وغيرها، من العظام الطاهرة، والخرق والأدم أي الجلود مثل رق الغزال، فقد جمعت بعض آيات قرآنية، وفي البخاري «٢» لما نزلت آية لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النساء: ٩٥] قال عليه السلام للبراء بن معرور: أدع لي زيدا ليجيء باللوح والدواة والكتف لخ.

وروي أن عثمان بعث إلى أبي بن كعب بكتف شاة مكتوب عليها بعض قرآن ليصلح بعض حروفه، وفي بعض روايات البخاري «٣» : أن المصطفى قال قبل موته بأربعة أيام:

ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي. ويروى أن الشافعي كان كثيرا ما يكتب المسائل على العظام، لقلة الورق حتى ملأ منها الخبايا، ورأيت بعض مصاحف مكتوبة على رق الغزال.

نعم المصاحف التي أمر عثمان بنسخها وإرسالها إلى الأمصار؛ كانت على الكاغد ما عدا المصحف الذي كان عنده بالمدينة، فإنه على رق الغزال كما شوهد بمصر اهـ منه على ما فيه.

وفي فضائل عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم المصري أن عمر كتب إلى أبي بكر بن عمرو بن حزم: أما بعد فقد قرأت كتابك إلى سليمان تذكر أنه كان يجري على من قبلك من أمراء المدينة من القراطيس لحوائج المسلمين كذا وكذا، فأبليت بحوائجك فيه فإذا جاءك كتابي هذا، فارق القلم وأجمع الخط، واجمع الحوائج الكثيرة في الصحيفة الواحدة، فإنه لا حاجة للمسلمين في فضل أضر بيت مالهم والسلام عليك اهـ.

هذا يدل على ما كان يفرق على أمراء العمالات والجهات في زمن سليمان بن عبد الملك من القراطيس للكتابة وذلك أواخر القرن الأول من الهجرة.


(١) أي الجلد الأبيض كما في القاموس ويقال له أيضا رق الغزال.
(٢) انظر كتاب فضائل القرآن ص ٩٩ ج ٦ باب ٤.
(٣) انظر كتاب الجزية والموادعة ص ٦٦ ج ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>