للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: كتابه صلى الله عليه وسلم في الصدقات، الذي ذكر أنه كان عند أبي بكر؛ خرّجه أحمد وأبو داود والترمذي [٤٠/ ٣] وحسنه، والحاكم من طريق سفيان بن حسين عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر قال:

كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب الصدقات، فلم يخرجه إلى عماله وقرنه بسيفه حتى قبض، فعمل به أبو بكر حتى قبض، ثم عمل به عمر حتى قبض، فكان فيه: في كل خمس من الإبل شاة، فذكره قال الترمذي: وقد روى يونس وغير واحد عن الزهري عن سالم هذا الحديث، ولم يرفعوه وإنما رفعه سفيان بن حسين، وعند البخاري وأبي داود والنسائي وابن ماجه من حديث أنس، أن أبا بكر كتب له هذا الكتاب لما وجّهه إلى البحرين، فذكره بنحوه، وفي رواية لأبي داود أن أبا بكر كتب لأنس وعليه خاتم النبي صلى الله عليه وسلم؛ وقد ساقه مالك في الموطأ «١» في باب صدقة الماشية من كتاب الزكاة قائلا: حدثني يحي عن مالك أنه قرأ كتاب عمر بن الخطاب في الصدقة قال فوجدت فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب الصدقة فساقه. قال القاضي عياض: اعتمد مالك والعلماء والخلفاء قبلهم، على ما في هذا الكتاب، ولم يرد عن الصحابة إنكار شيء منه اهـ قال في الإستبصار في أنساب الأنصار، لدى ترجمة عمرو بن حزم الأنصاري: استعمله عليه السلام على نجران، ليفقههم في الدين ويعلمهم، وكتب له كتابا في الفرائض والسنن والصدقات، وكتاب عمرو بن حزم مشهور، يحتج به العلماء قال أبو عمر: شهرته أقوى من الإسناد أو كما قال اهـ.

قلت: وقد غاب عن علم الجميع في هذا الباب، وعن كل من تكلم على أول من دون في الإسلام ديوان العطاء الذي دوّن في زمن عمر رضي الله عنه وبإذنه وانتدابه لكتبه عقيل بن أبي طالب، ومخرمة بن نوفل، وجبير بن مطعم، وقال: اكتبوا الناس على منازلهم، يعني في العطاء فإنه ينبغي أن يكون هذا الديوان العمري، من أول ما دون في الإسلام. وإن اعتبرنا كتابة أول من أسلم قبل ذلك، في مدته عليه السلام، كما ذكر لك في موضعه، وهو الذي بوّب عليه البخاري بقوله في كتاب المغازي: باب كتابة الإمام الناس.

وذكر فيه قوله عليه السلام: اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام. قال الدماميني: قيل: كان هذا عام الحديبية يمكننا الجزم بأن أول تدوين وقع هو ما ذكر ولا شك أن كتابة الناس على مراتبهم، في السبقية للإسلام والهجرة والنصرة هو المادة الأولى، لكتب تراجم الصحابة وتراجم زعماء الإسلام وابنائهم، فلذلك أرى أن يكون هذا أول ما دوّن، لأنه مادة كبرى وضعها من سبق لمن سيلحق. ألا ترى أن حوالات الأحباس [حجج الأوقاف] (سجلاته


(١) انظر الموطأ ص ٢٥٧ ج ١ من طبعة استانبول الجديدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>