للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في حضه عليه السلام طلبة العلم على السؤال عما لم يفهموا]

قال أبو نعيم: وليتحرضوا على مساءلة العلماء، ثم أسند عن أبي جحيفة قال: كان يقال: جالس الكبراء، وخالط الكبراء، قال: وزاد غيره: وسائل العلماء. رواه أبو ملك النخعي، عن سلمة مرفوعا. ثم أسند عن أبي سلمة عن أبي جحيفة رفعه: جالس العلماء، وسائل الكبراء، وخالط الحكماء.

وبوّب عليه ابن عبد البر في كتاب العلم: باب حمد السؤال والإلحاح في طلب العلم، ولما كان الافراط فيه، أو صدوره على غير ما يحمد منه مطلوب الترك، قال ابن عبد البر متمما لذلك: ومنع ما منع منه. وخرّج في الباب جملة آثار صدّرها بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يكن شفاء العي السؤال «١» ، وذكر عن عائشة «٢» : رحم الله نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يسألن عن أمر دينهن اهـ وفي الحديث المشهور: حسن السؤال نصف العلم وراجع من خرّجه «٣» ، صدر رسالتنا البيان المعرب عما ورد في أهل اليمن والمغرب، وقيل، لابن عباس: بم نلت هذا العلم؟ فقال: بلسان سؤول وقلب عقول.

[باب في اجابته عليه السلام السائلين على حسب قوابلهم وتنويعه الخطب على حسب الحال والمقام]

من تأمل أجوبته عليه السلام لأسئلة السائلين، وأفراد المستفتين يرى أنها كانت تتنوع بحسب الأحوال، والأشخاص، والمعاملات، والأعراف، وذلك كالذي سأله كما في الصحيحين وغيرهما: عن أفضل الأعمال؟ فأجاب كل سائل عن فضيلة قال النووي في شرح مسلم وأجاب صلى الله عليه وسلم كلّا من السائلين بما رآه أنفع له وأخص به، فقد يكون ظهر من أحدهما كبر وانقباض عن الناس، فأجابه بإطعام الطعام وإفشاء السلام، وظهر من الآخر قلة مراعاة ليده ولسانه، فأجاب بالجواب الآخر، أو يكون عليه السلام تخوّف عليهما ذلك، أو كانت الحاجة في وقت السؤال كل منهما أحسّ به فجاوب به. وقال الشيخ أبو عبد الله السنوسي، في مكمل إكمال الإكمال قال بعض الشيوخ: وفي اختلاف الأجوبة عن السؤال الواحد دليل على أن المصالح تختلف باختلاف الأشخاص، والأحوال، والأعراف، وحتى في الفتاوى، كما ذكره المتأخرون.

وفي شرح أحكام عبد الحق للإمام ابن مرزوق قالوا: يؤخذ من اختلاف الأجوبة لاختلاف الأحوال وجوب تعليم الإمام، أو المذكر للناس ما جهلوه، ويذكرهم ما نسوه،


(١) رواه أحمد ص ٣٣٠ ج ١ من حديث ابن عباس والإسلامي: ٤١١.
(٢) بوّب البخاري في كتاب العلم باب ٥٠: ج ١ ص ٤١ وقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين. كما أخرجه مسلم وأحمد وأبي داود وابن ماجه.
(٣) راجع كشف الخفاء للعجلوني تحت عنوان: الاقتصاد نصف المعيشة فقد عزاه للبيهقي وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>