للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه كردوس بن قيس وثقه ابن حبان وبقية رجاله رجال الصحيح، وعن عبد الجبار الخولاني قال: دخل رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المسجد، فإذا كعب يقص قال من هذا؟ قالوا: كعب يقص علينا. قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مختال، قال: فبلغ ذلك كعبا فما رئي بعد ذلك يقص. رواه أحمد. «١» قال الهيثمي: وإسناده حسن، وعن عوف بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقص إلا أمير أو مأمور أو متكلف. رواه أبو داود «٢» غير قوله أو متكلف. ورواه الطبراني في الأوسط.

قال الهيثمي: وفيه أبو العباس الرازي، لم أر من ترجمه، وعن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يقص إلا أمير أو مأمور أو متكلف. رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن.

قال الملا على القاري في شرح المشكاة: القصص التكلم بالقصص والأخبار والمواعظ وقيل المراد به الخطبة خاصة اهـ وقال غيره: القصص التحدث بالقصص، ويستعمل في الوعظ، يريد من يعظهم إما أمير أو مأمور، أو يجوز لهما الوعظ أما مختال يعظ لطلبه الرياسة والتكبر، فلا يقبل هذا في الخطبة فالأمر فيها إلى الأمراء أو إلى من يتولاها من قبلهم. قال الطيبي في شرح المشكاة: وكل من وعظ وقص داخل غمارهم، وأمره موكول إلى الولاة اهـ انظر مجمع بحار الأنوار، في الإكليل للسيوطي على قوله تعالى: وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ [إبراهيم: ٥] عن ابن العربي: هذه الآية أصل في الوعظ المرقق للقلوب اهـ.

قلت: ولا ينافي أحاديث الترجمة ما جاء عن بعض السلف؛ من إنكار القصص وذم القاصين. ففي الإحياء بعد أن ذكر أن الحسن البصري كان يتكلم في قصصه في علم الآخرة، والتذكير بالموت، والتنبيه على عيوب النفس، وآفات الأعمال، وخواطر الشيطان، ووجه الحذر منها. ويذكر بالاء الله ونعمائه، وتقصير العبد في شكره، ويعرف حقارة الدنيا وتصرفها وقلة عهدها، وعظم الآخرة وأهوالها فهذا هو التذكير المحمود شرعا، ثم تكلم عل الذين نقلوا اسم التذكير إلى خرافاتهم، وذهلوا عن طريق التذكير المحمود، واشتغلوا بالقصص التي يتطرق إليها الاختلاف والزيادة، والنقصان، وتخرج عن القصص الواردة في القرآن، وتزيد عليها فقال: من القصص ما ينفع سماعه، ومنها ما يضر سماعه، وإن كان صادقا. قال: فترجع القصص المحمودة إلى ما يشتمل عليه القرآن، وإلى ما صحّ من الكتب الصحيحة، من الأخبار.

قال في الإتحاف: أخرج ابن أبي شيبة والمروزي عن ابن سيرين قال: بلغ عمر أن قاصا يقص بالبصرة فكتب إليه: الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ [يوسف: ٥] قال فعرف الرجل فتركه، وأخرج عبد بن حميد في تفسيره، عن قيس بن سعد قال: جاء أن ابن عباس مرّ على عبيد بن عمير


(١) انظره في المسند ج ٦/ ٢٦ والإسلامي: ٣٤ عن عوف بن مالك.
(٢) رواه في كتاب العلم ج ٤ ص ٧٢ ورقمه: ٣٦٦٥ ورواه أحمد أيضا ٦/ ٢٣ والإسلامي/ ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>