للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت السادسة: زوجي إن أكل لف، وإن شرب اشتف، وإن اضطجع التف، ولم يولج الكف ليعلم البث.

قالت السابعة: زوجي عياياء أو غياياء، طباقاء، كل داء له داء، شجك أو فلك أو جمع كلّالك.

قالت الثامنة: زوجي المسّ مس أرنب، والريح ريح زرنب.

قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد، طويل النجاد كثير الرماد، قريب البيت من الناد.

قالت العاشرة: زوجي مالك، وما مالك؟ مالك خير من ذلك، له إبل كثيرات المبارك، قليلات المسارح، إذا سمعن صوت المزهر، أيقن أنهن هوالك.

قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع وما أبو زرع؟ أناس «١» من حلي أذني وملأ من شحم عضدي وبجحني فبجحت إليّ نفسي، وجدني في أهل غنيمة بشق، فجعلني من أهل صهيل وأطيط، ودائس ومنقّ، فعنده أقول: فلا أقبح وأرقد فأتصبح، وأشرب فاتقمح، أم أبي زرع، فما أم أبي زرع عكومها رداح، وبيتها فساح، ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع مضجعه كمسل شطبة، وتشبعه ذراع الجفرة، بنت أبي زرع، فما بنت أبي زرع طوع أبيها، وطوع أمها. وملء كسائها، وغيظ جارتها، جارية أبي زرع فما جارية أبي زرع، لا تبث حديثنا تبثيثا، ولا تنقث ميرتنا تنقيثا ولا تملأ بيتنا تعشيشا. قالت: خرج أبو زرع والأوطاب تمخض، فلقي امرأة معها ولدان لها، كالفهدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين، فطلقني ونكحها، فنكحت بعده رجلا سريا، ركب شريا وأخذ خطيا وأراح عليّ نعما ثريا، وأعطاني من كل رائحة زوجا، وقال: كلي أم زرع وميري أهلك، فلو جمعت كل شيء أعطانيه ما بلغ أصغر آنية أبي زرع قالت عائشة: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت لك كأبي زرع لأم زرع، غير أني لا أطلقك.

أخذ الأئمة من هذا الحديث جواز التحديث عن الأمم الماضية، والأجيال البائدة، وضرب الأمثال بهم، لأن في سيرهم اعتبارا للمعتبر، واستبصارا للمستبصر، واستخراج الفائدة للباحث المستكثر، فإن في هذا الحديث، لا سيما إذا حدّث به النساء منفعة في الحض على الوفاء للبعولة، والندب لقصر الطرف، والقلب عليهم.

قال القاضي عياض: وفيه من الفقه التحدث بملح الأخبار، وطرف الحكايات، تسلية للنفس، وجلاء للقلب.

وهكذا ترجم أبو عيسى الترمذي عليه باب ما جاء في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السمر، وأدخل في هذا الباب هذا الحديث، وحديث خرافة، ويروي عن علي أنه قال: سلوا هذه


(١) أناس: فعل ماض متعد ولازمه: ناس ينوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>