للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الرعية لم تزل في سيرة ... عمرية قد ساسها المتوكل

وقال بعض البلغاء: وقد ذكر بعض الملوك: رأيت صورة قمرية وصورة عمرية، وعن عائشة رضي الله عنها: إذا ذكر عمر ذكر العدل، وإذا ذكر العدل ذكر الله. وإذا ذكر الله نزلت الحرمة. وعنها أيضا قالت: زينوا مجالسكم بذكر عمر، وقال بعض الشيوخ: من أصابه هم فليناد عمر ما سلكت فجا إلا وسلك الشيطان فجا غير فجك، لأن أكثر الهموم من مثيرات الشيطان يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ [البقرة: ٢٦٨] وفي العتيبة قال مالك: كانت عائشة تقول: إذا أردتم أن يطيب لكم المجلس فاذكروا عمر رضي الله عنه، قال ابن رشد في البيان والتحصيل: قول عائشة بيّن لأن ذكر هديه، وما كان عليه من السيرة مما تشرح له الصدور، وتطيب به النفوس اهـ.

ولا تزال سيرة عمر الشغل الشاغل للأمم يردد دويها الناس في كل عصر وزمان، ولو تتبعت من أفرد سيرته بالتأليف لطال الحال، وحتى الإفرنج فقف على كتاب الكساندر مازا الذي سماه أعيان الشرق في مجلدين طبع بباريز سنة ١٨٤٧، وترجمة سيدنا عمر فيه من ص ١٠٦ إلى صحيفة ١٦٠ وعلى الموسوعات والمعاجم التاريخية المتنوعة في لغات الإفرنج.

[باب فيمن كان يضرب به المثل في الهيبة من الصحابة]

قال الشعبي: كانت درة عمر أهيب من سيف الحجاج، ولما جيء بالهرمزان ملك خراسان أسيرا إلى عمر وافق ذلك غيبته عن منزله، فما زال الموكل بالهرمزان يقتفي أثر عمر، حتى عثر عليه في بعض المساجد، نائما متوسدا درته، فلما رآه الهرمزان قال: هذا والله الملك الهني عدلت فنمت، والله إني قد خدمت أربعة من ملوك الأكاسرة، أصحاب التيجان فما هبت أحدا منهم هيبتي لصاحب هذه الدرّة، وقد عقد ابن الجوزي في سيرة عمر بابا هو ٤٥ من أبواب في ذكر شدة هيبته في القلوب، فروى فيهما عن القاسم بن محمد قال: بينما عمر يمشي وخلفه عدة من الصحابة إذ بدا له فالتفت فما بقي منهم أحد إلّا خرّ لركبتيه ساقطا قال: فأرسل عينه بالبكاء، ثم قال: اللهم إنك تعلم أني أشدّ فرقا وعن عكرمة أن حجاما كان يقص شعر عمر بن الخطاب، فتنحنح عمر وكان مهيبا فأحدث، فأعطاه عمر أربعين درهما، واسم هذا الحجام سعيد بن الهبلج كذا وقصته هذه عزاها السيوطي في الجمع لابن سعيد والخطيب.

وعن عبد الله بن عباس يحدث قال: مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر عن آية فلا أستطيع لهيبته. أنظره في خبر هيبته من الباب المذكور من سيرته للحافظ ابن الجوزي.

وأخرج ابن عساكر عن عائشة أنه كان بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم كلام، فقال رسول الله ترضين أن يكون بيني وبينك أبو بكر؟ فقلت: لا. فقال: أترضين أن يكون بيني وبينك عمر قلت: من

<<  <  ج: ص:  >  >>