للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في الحائز لقب أمين الأمة من الصحابة]

هو أبو عبيدة بن الجراح، كان من عظاماء الصحابة، وكان عليه السلام يقول فيه:

لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح. أخرجه البخاري عن أنس «١» .

والإمام أحمد عن عمر، وأحمد عن خالد بن الوليد والبيهقي، والنسائي عن أنس، وابن أبي شيبة عن قتادة، وأبو نعيم في فضائل الصحابة، وابن عساكر عن جابر بن عبد الله عن خالد بن الوليد، والخطيب، وابن عساكر، عن أم سلمة قال الطيبي: كما في قوت المغتذي: الأمين كامير: الثقة الرضي، والأمانة مشتركة بينه وبين غيره من الصحابة، ولكنه عليه السلام خصه بصفة غلبت عليه، وكان بها أخص، زيادة في معناها على غيره.

مفخرة: للمترجم؛ أخرج ابن سعد عن ابن نجيح قال: قال عمر بن الخطاب لجلسائه: تمنّوا، فتمنوا. فقال عمر: لكني أتمنى بيتا ممتلئا رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح، فقال له رجل: ما ألوت الإسلام، قال ذاك الذي أردت «٢» .

وفي ترجمة معاذ بن جبل، من الاستبصار لابن قدامة، أن عمر قال للصحابة يوما:

تمنوا فتمنى كل إنسان شيئا، فقال: عمر: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة مثل أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة وحذيفة بن اليمان. وقال بعض من كتب في ترجمة أبي عبيدة رضي الله عنه من المصريين: اشتهر عند الروم بحلو الشمائل وصدق المقال. وفي فتوح دمشق أمّن أهلها على نفوسهم، ورخّص لمن لم يسلم إذا أراد الخروج أن يخرج بجانب من أمواله، وأعطاهم فرصة الأمان ثلاثة أيام من حين خروج من يريد الخروج، لا تلحقهم فيها جيوش الإسلام.

وقال بعض من كتب على هذه الواقعة من مؤرخي الإفرنج: لو كانت أوصاف هذا الصحابي الجليل الذي كان أمير الجيش الإسلامي، في ذلك العصر مجتمعة في أمراء جيوش الأعصر الجديدة المشهورة بالتمدن والتقدم؛ لافادتهم غاية المجد والشرف، ونفت عنهم مثالب الجور. فأجل أمراء جيوش الدول العظيمة المتمدنة في عهدنا لم تبلغ درجة ذلك الأمير الخطير، الذي هو بين الفاتحين عديم النظير فكل منقبة من مناقب عدله وحلمه ووفائه، تخجل أكابر رؤساء كل جيش من جيوش الدول المعاصرة وتزري بأمرائه اهـ.

[باب فيمن أولم وليمة بقي يضرب بها المثل]

كان الأشعث بن قيس بن معدي كرب الكندي، كما في الرياض المستطابة شريفا مطاعا في قومه، ثم وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في سنة عشر من الهجرة، في قومه كندة، فأسلموا


(١) رواه البخاري في أكثر من كتاب؛ في أخبار الآحاد والمغازي وفضائل الأصحاب انظر ج ٨ ص ١٣٤.
(٢) أي لم تقصر في مصلحة الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>