للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي صحيح البخاري «١» في كتاب النكاح باب ما ينهى من دخول المشتبهين بالنساء على المرأة، ثم أخرج عن أم سلمة أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان عندها وفي البيت مخنّث فقال المخنث لأخي أم سلمة عبد الله بن أبي أميمة: إن فتح الله لكم الطائف غدا أدلك على ابنة غيلان، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: لا يدخلن هذا عليكم.

قال الحافظ في الفتح: تقدم في غزوة الطائف أن اسمه هيث وأن ابن عيينة ذكره عن ابن جريج بغير إسناد، وذكر ابن حبيب في الواضحة عن حبيب كاتب مالك قال: قلت لمالك أن سفيان بن عيينة زاد في حديث ابنة غيلان أن المخنث هيث، وليس في كتابك هيث فقال: صدق هو كذلك.

وأخرج الجرجاني في تاريخه؛ من طريق الزهري، عن علي بن الحسين بن علي قال: كان مخنث يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: هيث. وأخرج أبو يعلى وأبو عوانة وابن خبان كلهم من طريق يونس عن الزهري، عن عروة عن عائشة أن هيثا كان يدخل.

الحديث.

ورواه المستغفري من مرسل محمد بن المنكدر أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى هيثا في كلمتين تكلم بهما من أمر النساء.

وذكر ابن إسحاق في حديث البائع أن اسم المخنث مانع. وهو بمثناة، وقيل: بنون.

فروى عن محمد بن إبراهيم التميمي قال: كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الطائف مولى لخالته، فاختة بنت عمرو بن عابد، مخنث يقال له مانع يدخل على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون في بيته لا يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطن لشيء من أمر النساء، مما يفطن له الرجال، ولا أن له إربة في ذلك، فسمعه يقول لخالد بن الوليد: يا خالد إن فتحتم الطائف فلا تفلتن منك بادية بنت غيلان بن سلمة، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع ذلك منه: لا أرى هذا الخبيث يفطن لما سمع. ثم قال لنسائه: لا تدخلن هذا عليكنّ فحجب عن بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وحكى أبو موسى المديني في كون مانع لقب هيث أو بالعكس، أو أنهما اثنان خلاف. وجزم الواقدي بالتعدد قال: كان هيث مولى عبد الله بن أبي أمية، وكان مانع مولى فاختة، وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم نفاهما معا إلى الحمى. قال الحافظ: ويستفاد منه حجب النساء عمن يفطن لمحاسنهن، وهذا الحديث أصل في إبعاد من يستراب به في أمر من الأمور.

وفي الحديث أيضا تعزير من يتشبه بالنساء، بالإخراج من البيوت والنفي، إذا تعيّن ذلك طريقا ليردعه. وظاهر الأمر وجوب ذلك؛ وتشبّه النساء بالرجال والرجال بالنساء من قاصد مختار حرام اتفاقا، وسيأتي لعن من فعل ذلك في كتاب اللباس اهـ.


(١) انظره ج ٦/ ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>