للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «وَلَا تُعْرف حَقيقته، وَلَمْ يثْبُت عِنْدَ «١» أهْل اللُّغَة سَمَاعا. وَالَّذِي يُؤَدِّي إِلَيْهِ الاجْتِهَادُ أَنْ يكونَ مَعْنَاهُ جَسَأ وغَلُظَ» وَذَكَرَ لَهُ أوجُهاً واشْتِقاقاتٍ بَعِيدَةً.

وَقِيلَ: إنَّه احْرَنْجَم بِالْحَاءِ: أَيْ تَقَبَّضَ، فَحَرَّفَهُ الرّوَاة.

(عَرَهَ)

(س) فِي حَدِيثِ عُروة بْنِ مَسْعُودٍ «قَالَ: وَاللَّهِ مَا كلَّمْت مَسْعُودَ بْنَ عَمْرو مُنْذ عَشْر سِنِينَ، والليلَةَ أُكَلِّمُهُ! فخَرج فنَادَاه، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: عُرْوَةُ، فأقْبَلَ مسعودٌ وَهُوَ يقولُ: أطَرَقْتَ عَرَاهِيَه، أَمْ طَرَقْتَ بِدَاهيه؟» قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا حرفٌ مُشْكل. وَقَدْ كَتَبْتُ فِيهِ إِلَى الْأَزْهَرِيِّ، وَكَانَ مِنْ جَوابه أَنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ فِي كَلَامِ العَرَب. وَالصَّوَابُ عِنْدَه «عَتَاهِيهْ» وَهِيَ الغَفْلَةُ والدّهَشُ: أَيْ أطرقْتَ غَفْلَةً بِلا رَوِيّةٍ، أَوْ دَهَشاً؟.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَقَدْ لَاحَ لِي فِي هَذَا شَيءٌ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الكلِمةُ مُرَكَّبَةً مِنِ اسْمَين: ظاهرٍ ومَكْنِيٍّ وَأَبَدَلَ فِيهِمَا حرْفاً، وأصْلُها إمَّا مِنَ العَرَاء وَهُوَ وَجْهُ الْأَرْضِ، وَإِمَّا مِنَ العَرَا مقْصُوراً، وَهُوَ النَّاحِية، كَأَنَّهُ قَالَ: أطَرَقْتَ عَرَائي: أَيْ فِنائي زَائِرًا وَضيفاً، أَمْ أصَابَتْك دَاهِيةٌ فجئْتَ مسْتَغِيثاً، فالهاءُ الْأُولَى مِنْ عَرَاهِيَه مُبْدلةٌ مِنَ الْهَمْزَةِ، وَالثَّانِيَةُ هاءُ السَّكْتِ زيدَت لبَيانِ الحَركةِ.

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «يَحتمل أَنْ تَكُونَ بِالزَّايِ، مَصْدَرُ عَزِه يعْزَه فَهُوَ عَزِهٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أرَبٌ فِي الطَّرْق. فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: أطَرَقتَ بِلَا أربٍ وحاجَةٍ. أَمْ أصَابَتْك داهيةٌ أحوجَتْك إِلَى الاسْتغاثة» .

(عَرَا)

(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ رَخَصَّ فِي العَرِيَّة والعَرَايَا» قَدْ تَكَرَّرَ ذكْرُها فِي الْحَدِيثِ وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهَا، فَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا نَهَى عَنِ المُزَابَنَة وهو بيع الثمر في رُؤُوس النَّخْل بِالتَّمْرِ رخَّص فِي جُمْلَةِ المُزَابنة فِي العَرَايَا، وَهُوَ أَنَّ مَنْ لَا نَخْلَ لَهُ مِنْ ذَوي الحاجَة يدْرك الرُّطَبَ وَلَا نَقْدَ بِيَدِهِ يَشتري بِهِ الرُّطَب لِعياله، وَلَا نَخْلَ لَهُ يطعِمُهم مِنْهُ وَيَكُونُ قَدْ فَضَل لَهُ مِنْ قُوتِهِ تَمْرٌ، فيجيءُ إِلَى صاحِب النَّخْلِ فَيَقُولُ لَهُ: بِعْنِي ثَمَرَ نَخلةٍ أَوْ نَخلَتين بِخرْصِها مِنَ التَّمْرِ، فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ الْفَاضِلَ مِنَ التَّمْرِ بِثَمَرِ تِلْكَ النَّخَلات ليُصِيب مِنْ رُطبها مَعَ النَّاسِ، فرَخَّصَ فِيهِ إِذَا كَانَ دُون خمسة أوْسُقٍ.


(١) في الفائق ٢/ ١٣٦: «عن» .

<<  <  ج: ص:  >  >>