للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا يَنْتَطِحُ فِيهَا عَنْزان» أَيْ لَا يَلْتَقي فِيهَا اثْنَانِ ضَعِيفَانِ، لِأَنَّ النِّطَاحَ مِنْ شَأْنِ التُّيوس، والكِباش لَا العُنوزِ. وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى قَضية مَخْصُوصَةٍ لَا يَجْري فِيهَا خُلْف ونِزاعٌ.

(نَطَسَ)

(هـ) فِي حَدِيثِ عُمَرَ «لَوْلَا التَّنَطُّسُ مَا بالَيْتُ أَلَّا أغْسِلَ يَدي» التَّنَطُّسُ «١» :

التَّقَذُّر. وَقِيلَ «٢» : هُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي الطُّهُورِ، والتَّأنُّق فِيهِ. وكُلُّ مَنْ تَأنَّق فِي الْأُمُورِ ودَقَّق النَّظر فِيهَا فَهُوَ نَطِسٌ ومُتَنَطِّسٌ.

(نَطَعَ)

(هـ) فِيهِ «هَلَك الْمُتَنَطِّعُونَ» هُمُ المُتعَمِّقون المُغالون فِي الْكَلَامِ، المتكلِّمون بأقْصَى حُلوقهم. مَأْخُوذٌ مِنَ النِّطَعِ، وَهُوَ الغارُ الأعْلى مِنَ الفَم، ثُمَّ استُعْمِل فِي كُلِّ تَعَمُّق، قَوْلًا وَفِعْلًا.

(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا عَجَّلْتم الفِطرَ وَلَمَ تَنَطَّعُوا تَنَطُّعَ أَهْلِ العِراق» أَيْ تتكلَّفوا الْقَوْلَ وَالْعَمَلَ.

وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ هَاهُنَا الْإِكْثَارَ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ والتَّوسُّعَ فِيهِ حَتَّى يصِلَ إِلَى الْغَارِ الأعْلَى.

ويُسْتَحَبُّ لِلصَّائِمِ أَنْ يُعَجِّل الفِطْر بتَناول الْقَلِيلِ مِنَ الفَطُور.

وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «إِيَّاكُمْ والتَّنَطُّعَ وَالِاخْتِلَافَ، فَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ أحدِكم: هَلُمَّ وتَعالَ» أَرَادَ النَّهي عَنِ المُلاحاة فِي الْقِرَاءَاتِ المختلِفة، وأنَّ مَرْجِعَها كلِّها إِلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ مِنَ الصَّوَابِ، كَمَا أَنَّ هَلُمَّ بِمَعْنَى تَعالَ.

(نَطَفَ)

(هـ) فِيهِ «لَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ يَزِيدُ وأهلُه، ويَنْقَص الشِرك وَأَهْلُهُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ بَيْنَ النُّطْفَتَيْنِ لَا يَخْشى جَورا» أَرَادَ بِالنُّطْفَتَيْنِ بَحْر الْمَشْرِقِ وَبَحْرَ الْمَغْرِبِ. يُقَالُ لِلْمَاءِ الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ: نُطْفَةٌ، وَهُوَ بِالْقَلِيلِ أخَصُّ.

وَقِيلَ: أَرَادَ مَاءَ الفُرات وماء البحر الذى بلى جُدّة. هَكَذَا جَاءَ فِي كِتَابِ الْهَرَوِيِّ، وَالزَّمَخْشَرِيِّ: لَا يَخْشَى «٣» جَورا: أَيْ لَا يَخْشَى فِي طريقه أحداً يَجور عليه ويَظْلِمهُ.


(١) هذا شرح ابن عيينة، كما ذكر الهروي.
(٢) القائل هو الأصمعي، كما ذكر الهروي أيضا.
(٣) الذي في الفائق ٣/ ١٠٣: «لا يخشى إلاّ جَوْرا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>