للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِيهِ «خَيْر الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا» كُلُّ خَصْلَة مَحْمُودَة فَلَها طَرَفَان مَذْمُومان، فإنَّ السَّخاءَ وَسَطٌ بَيْن البُخْل والتَّبْذير، والشَّجاعَة وَسَطٌ بَيْن الجُبن والتَّهَوُّر، والإنسانُ مأمورٌ أنْ يَتَجَنَّبَ كُلَّ وَصْفٍ مَذْموم، وَتَجَنُّبُه بالتَّعَرِّي مِنْهُ والبُعدِ عَنْه، فكُلَّما ازْدَادَ مِنه بُعْداً ازْدادَ مِنْهُ تَعَرِّياً.

وأبْعَدُ الجِهات والمَقادِير والمَعانِي مِنْ كُلّ طَرَفَيْن وَسَطُهُما، وهُو غَايَةُ البُعْد عَنْهُمَا، فَإِذَا كَانَ فِي الوَسطَ فَقَد بَعُد عَن الأطْراف المَذْمومةِ بَقَدْر الإمْكان.

(س) وَفِيهِ «الولدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّة» أَيْ خَيْرُها. يُقَالُ: هُوَ مِنْ أوْسَط قَومه: أَيْ خِيارِهِم.

وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ كَانَ مِنْ أوْسَطِ قَوْمِهِ» أَيْ مِنْ أشْرَفِهِم وأحْسَبِهم: وَقد وَسُطَ وَسَاطَةً فَهُوَ وَسِيطٌ.

(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ رُقَيقة «انْظُروا رَجلاً وَسِيطاً» أَيْ حَسِيبا فِي قَوْمه. وَمِنْهُ سَمِّيَت الصلاةُ الْوُسْطَى؛ لِأَنَّهَا أفْضَلُ الصَّلاة وأعْظَمُها أجْراً، وَلِذَلِكَ خُصَّتْ بالمُحافَظَة عَليها.

وَقِيلَ: لأنَّها وَسَطٌ بَيْنَ صَلاتَيِ اللَّيْل وصَلاتَيِ النَّهار، وَلِذَلِكَ وَقَع الخِلاف فِيهَا، فَقيل:

العَصْرُ، وَقِيلَ: الصُّبْح، وَقِيلَ غيرُ ذَلِكَ.

(وَسِعَ)

- فِي أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى «الْوَاسِعُ» هُو الذِي وَسِعَ غِنَاه كُلَّ فَقيرٍ، ورَحْمَتُه كُلَّ شَيْءٍ. يُقال: وَسِعَهُ الشَّيءُ يَسَعُهُ سَعَةً سِعَةً «١» فَهُوَ وَاسِعٌ. ووَسُعَ بالضَّم وسَاعَةً فَهُوَ وَسِيعٌ.

والْوُسْعُ الْوِسْعُ «٢» والسَّعَةُ: الجدة والطّافة.

(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إنَّكم لَن تَسَعُوا النَّاسَ بأمْوَالِكُم فَسَعُوهُمْ بأخْلاقِكم» أَيْ لَا تَتَّسِعُ أمْوَالُكُم لعَطائِهم فَوَسِّعُوا أخلاقَكم لِصُحْبَتهم.

(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ جَابِرٍ «فَضَرب رسولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجُزَ جَمَلي وَكَانَ فِيهِ قِطَافٌ، فانْطَلَق أَوْسَعَ جَمَلٍ رَكِبْتُه قَطُّ» أَيْ أعْجَل جَمَلٍ سَيْراً. يُقَالُ: جَمَلٌ وَسَاعٌ، بِالْفَتْحِ: أَيْ وَاسعُ الخَطْو، سريع السَّيْر.


(١) كَدَعَةٍ، وَزِنَة. قاله في القاموس.
(٢) مثلثة الواو، كما في القاموس.

<<  <  ج: ص:  >  >>