للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَهُوَ رُجُوع إِلَى الْأَمْرِ بالمُبادرة إِلَى الصَّلَاةِ، وَأَنَّ الْمُؤَذِّنَ إِذَا قَالَ حيَّ عَلَى الصَّلَاةِ فَقَدْ دَعَاهُمْ إِلَيْهَا، وَإِذَا قَالَ بَعْدَهَا الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوم فَقَدْ رَجَع إِلَى كلامٍ مَعْنَاهُ الْمُبَادَرَةُ إِلَيْهَا.

[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ بِلَالٍ «قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا أُثَوِّب فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ إِلَّا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ» وَهُوَ قَوْلُهُ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوم، مَرَّتَين.

(هـ) وَمِنْهُ حديث أم سلمة رضي الله عنها «قالت لِعَائِشَةَ: إِنَّ عَمُود الدِّينِ لَا يُثَابُ بِالنِّسَاءِ إِن مَالَ» أَيْ لَا يُعاد إِلَى استِوائه، مِنْ ثَابَ يَثُوب إِذَا رجَع.

وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «فَجَعَلَ النَّاسُ يَثُوبُون إلى النبي» أَيْ يَرْجِعُون.

(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «لَا أعْرفنّ أَحَدًا انْتَقَص مِنْ سُبُل النَّاسِ إِلى مَثَابَاتِه شَيْئًا» المَثَابَات: جَمْعُ مَثَابَة وَهِيَ الْمَنْزِلُ؛ لِأَنَّ أَهْلَهُ يَثُوبُون إِلَيْهِ: أَيْ يَرْجعون. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:

وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ

أَيْ مَرْجِعا ومُجْتَمَعا. وَأَرَادَ عُمَرُ: لَا أعْرِفنَّ أَحَدًا اقْتَطع شَيْئًا مِنْ طُرق الْمُسْلِمِينَ وأدْخَله دَارَهُ.

وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَقَوْلُهَا فِي الْأَحْنَفِ «ألِيَ «١» كَانَ يَسْتَجِمُّ مَثَابَة سَفهِه؟

وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «قِيلَ لَهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: كَيْفَ تَجدك؟ قَالَ:

أجدُني أذُوب وَلَا أَثُوب» أَيْ أضْعُفُ ولاَ أرْجع إِلَى الصّحَّة.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ التَّيِّهان «أَثِيبُوا أَخَاكُمْ» أَيْ جَازُوهُ عَلَى صَنيعه. يُقَالُ: أَثَابَه يُثِيبُه إِثَابَة، وَالِاسْمُ الثَّوَاب، وَيَكُونُ فِي الخَيْر والشَّرّ، إِلَّا أَنَّهُ بِالْخَيْرِ أخصُّ وَأَكْثَرُ استعْمالا.

(هـ س) وَفِي حَدِيثِ الخُدْرِي «لمَّا حَضَرَهُ الموتُ دَعا بِثِيَاب جُدُدٍ فَلَبِسَهَا، ثُمَّ ذُكِرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَث فِي ثِيَابِه الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا» قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَمَّا أَبُو سَعِيدٍ فَقَدِ اسْتَعْمل الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَدْ رُوى فِي تَحْسِين الْكَفَنِ أَحَادِيثُ، قَالَ وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْمَعْنَى، وَأَرَادَ بِهِ الْحَالَةَ الَّتِي يَمُوتُ عَلَيْهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وعَمله الَّذِي يُخْتم لَهُ بِهِ. يُقَالُ فُلَانٌ طَاهِرُ الثِّيَاب: إِذَا وَصَفُوهُ بطَهارة النَّفْس والْبَراءة مِنَ العَيْب. وَجَاءَ في تفسير قوله تعالى وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ


(١) في اواللسان: أبى.

<<  <  ج: ص:  >  >>