للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من صناديد قريش «١» من كانوا الأعداء الألداء للإسلام، ودخل الرعب في قلوب العرب الاخرين، فكانت للمسلمين هيبة بها يكسرون الجيوش، ويهزمون الرجال، فلا جرم أن شكرنا العلي الأعلى على هذه العناية، واتّخذنا يوم النصر في بدر وهو السابع عشر من شهر رمضان عيدا نتذكر فيه نعمة الله على رسوله وعلى المسلمين.

[غزوة قينقاع]

هذا، وإذا كان للشخص عدّوان فانتصر على أحدهما حرّك ذلك شجو «٢» الاخر وهاج فؤاده، فتبدو بغضاؤه غير مكترث بعاقبة عدائه، وهذا ما حصل من يهود بني قينقاع عند تمام الظفر في بدر، فإنهم نبذوا ما عاهدوا المسلمين عليه، وأظهروا مكنون ضمائرهم، فبدت البغضاء من أفواههم، وانتهكوا حرمة سيدة من نساء الأنصار، وهذا مما يدعو المسلمين للتحرز منهم وعدم ائتمانهم في المستقبل إذا شبّت الحرب في المدينة بين المسلمين وغيرهم فأنزل الله في سورة الأنفال وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ «٣» إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ «٤» فدعا عليه الصلاة والسلام رؤساءهم وحذرهم عاقبة البغي ونكث العهد، فقالوا: يا محمد لا يغرنك ما لقيت من قومك فإنهم لا علم لهم بالحرب ولو لقيتنا لتعلمن أنّا نحن الناس وكانوا أشجع يهود فأنزل الله في سورة ال عمران قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ «٥» وعند ذلك تبرأ من حلفهم عبادة بن الصامت أحد رؤساء الخزرج وتشبّث بالحلف عبد الله بن أبي، وقال إني رجل أخشى الدوائر، فأنزل الله تعليما للمسلمين في سورة المائدة


(١) منهم أبي البختري بن هشام وأمية بن خلف وأبو جهل وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة والعاص ابن هشام.
(٢) أوقعه في الحزن.
(٣) أي فاطرح لهم العهد على طريق مستو، قصد بأن تظهر لهم نبذ العهود ولا تناجزهم الحرب أو هم على توهم بقاء العهد لأن ذلك خيانة ولذا قال: (إن الله لا يحب الخائنين) - (المؤلف) .
(٤) اية ٥٨.
(٥) اية ١٢- ١٣.

<<  <   >  >>