للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأمها، وفيها ولد الحسن بن علي «١» رضي الله عنهما.

وفيها حرّمت الخمر، وكان تحريمها بالتدريج لما عليه العرب من المحبة الشديدة لها، فيصعب إذا تحريمها دفعة واحدة، وكان ذلك التحريم تابعا لحوادث تنفّر عنها لأن المنكر إذا أسند تحريمه لحادثة أقرّ الجميع على تقبيحها، كان ذلك أشدّ تأثيرا في النفس. فأول ما بين فيها قوله تعالى في سورة البقرة يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ «٢» فمنفعة الميسر التصدق بربحه على الفقراء كما كانت عادة العرب، ومنفعة الخمر تقوية الجسم «٣» ، ولما شربها بعض المسلمين وخلط في القراءة حرّمت الصلاة على السكران، فقال تعالى في سورة النساء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ «٤» ، ولما حدث من شربها اعتداء بعض المسلمين على إخوانهم حرّمت قطعيا بقوله تعالى في سورة المائدة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ «٥» وَالْأَزْلامُ «٦» رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ «٧» وقد أجاب المسلمون على ذلك بقولهم: انتهينا، فليجب المسلمون الان.


(١) سبط رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وريحانته وابن فاطمة، كان شبيها بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وعق عنه يوم سابعه، وحلق شعره، وأمر أن يتصدق بزنة شعره فضه، وكناه أبا محمد كان عاقلا حليما كريما فصيحا، من أحسن الناس منطقا وبديهة، حج عشرين حجة ماشيا، تنازل عن الخلافة لمعاوية عام ٤١ هـ وانصرف إلى المدينة حيث أقام إلى أن توفي مسموما سنة تسع وأربعين هجرية.
(٢) اية ٢١٩.
(٣) الخمر لا تقوي الجسم بل تضعفه بإجماع الأطباء مؤمنهم وكافرهم- راجع رسالة أضرار الخمر للدكتور نبيل الطويل.
(٤) اية ٤٣.
(٥) هي حجارة تصب عليها دماء الذبح وتعبد. (المؤلف) .
(٦) هي القداح التي كانوا يستقسمون بها؛ وفي قرن الخمر والميسر بالأنصاب والازلام نهاية التنفير، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: شارب الخمر كعابد الوثن. (المؤلف) .
(٧) سورة المائدة الاية ٩٠- ٩١.

<<  <   >  >>