للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فانتهوا إلى الرسول، فحدّثوه ثم قال لعبد الله: أبسط رجلك فمسحها عليه الصلاة والسلام فكأنه لم يشتكها قط «١» ، وعادت أحسن ما كانت. فانظر رعاك الله إلى ما كان عليه المسلمون من استسهال المصاعب ما دامت في ارضاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فرضي الله عنهم وأرضاهم.

سرية «٢»

ولمّا قتل كعب ولّى اليهود مكانه أسير بن رزام، فأرسل عليه الصلاة السلام من يستعلم له خبره، فجاءته الأخبار بأنه قال لقومه: سأصنع بمحمّد ما لم يصنعه أحد قبلي، أسير إلى غطفان فأجمعهم لحربه وسعى في ذلك. فأرسل عليه الصلاة والسلام عبد الله بن رواحة الخزرجي في ثلاثين من الأنصار لاستمالته فخرجوا حتى قدموا خيبر، وقالوا لأسير: نحن امنون حتى نعرض عليك ما جئنا له، قال:

نعم ولي مثل ذلك، فأجابوه ثم عرضوا عليه أن يقدم على رسول الله ويترك ما عزم عليه من الحرب فيوليه الرسول على خيبر، فيعيش أهلها بسلام، فأجاب إلى ذلك وخرج في ثلاثين يهوديا كل يهودي رديف لمسلم، وبينما هم في الطريق ندم أسير على مجيئه، وأراد التخلص مما فعل بالغدر بمن أمنوه فأهوى بيده إلى سيف عبد الله بن رواحة، فقال: أغدرا يا عدو الله! ثم نزل وضربه بالسيف فأطاح عامة فخذه، ولم يلبث أن هلك، فقام المسلمون على من معه من اليهود فقتلوهم عن اخرهم وهذا عاقبة الغدر.

[قصة عكل وعرينة]

قدم على رسول الله في شوّال جماعة من عكل وعرينة، فأظهروا الإسلام وبايعوا رسول الله وكانوا سقاما، مصفرة ألوانهم، عظيمة بطونهم، فلم يوافقهم هواء المدينة، فأمر لهم عليه الصلاة والسلام بذود من الإبل معها راع، وأمرهم باللحوق بها في مرعاها ليشربوا من ألبانها وأبوالها ففعلوا، ولما تمّ شفاؤهم


(١) هكذا أورد هذه القصة الإمام محمد بن اسحاق وأيضا الإمام البخاري عن البراء وقد تفرّد البخاري بهذه السياقات من بين أصحاب الكتب الستة، هذا وقد ذكر موسى بن عقبة في مغازيه مثل محمد بن اسحاق.
(٢) هي سرية عبد الله بن رواحة إلى أسير بن رزام.

<<  <   >  >>