للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمين «١» . ولمّا رأى رسول الله أنّ العدو متمكّن من رميهم، ارتفع إلى محل مسجد الطائف الان، وضرب لأم سلمة وزينب قبتين هناك، واستمرّ الحصار ثمانية عشر يوما، كان فيها ينادي خالد بن الوليد بالبراز فلم يجبه أحد، وناداه عبد ياليل عظيم ثقيف لا ينزل إليك منّا أحد. ولكن نقيم في حصننا، فإنّ فيه من الطعام ما يكفينا سنين، فإن أقمت حتى يفنى هذا الطعام خرجنا إليك بأسيافنا جميعا حتى نموت عن اخرنا، فأمر عليه الصلاة والسلام بأن ينصب عليهم المنجنيق «٢» فنصب. ودخل جمع من الأصحاب تحت دبابتين «٣» لينقبوا الحصن، فأرسلت عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنار حتى أرجعوهم. فأمر عليه الصلاة والسلام أن تقطع أعنابهم ونخيلهم، فقطع المسلمون فيها قطعا ذريعا، فناداه أهل الحصن أن دعها لله وللرحم، فقال: أدعها لله وللرحم. ثم أمر من ينادي بأن كل من ترك الحصن ونزل فهو امن، فخرج إليه بضعة عشر رجلا. ولما رأى عليه الصلاة والسلام أن تمنّع ثقيف شديد، وأن الفتح لم يؤذن فيه استشار نوفل بن معاوية الديلي «٤» في الذهاب أو المقام، فقال: يا رسول الله ثعلب في جحر إن أقمت أخذته وأن تركته لم يضرّك، فأمر عليه الصلاة والسلام بالرحيل «٥» وطلب منه بعض الصحابة أن يدعو على ثقيف فقال: «اللهم أهد ثقيفا وائت بهم مسلمين» «٦» .


(١) سعيد بن سعيد بن العاص وعبد الله بن أبي أمية وعبد الله بن عامر بن ربيعة والسائب بن الحارث وأخوه عبد الله بن الحارث وحليحة بن عبد الله ومن الأنصار جليحة بن عبد الله وثابت بن الجذع والحارث بن سهل والمنذر بن عبد الله ورقيم بن ثابت فسبعة من قريش وأربعة من الأنصار ورجل من بني ليث.
(٢) هي من الات الحصار الثقيلة ونحوها، وأن أول من رمى بالمنجنيق في الجاهلية والإسلام النبي صلّى الله عليه وسلّم.
(٣) الدبابة الة تتخذ للحرب فتدفع في أصل الحصن فينقبون وهم في جوفها. (المؤلف) وقد كانت تكسى بالجلود الغليظة فلذلك أحرقتها كرات النار.
(٤) أسلم يوم الفتح، وحج مع أبي بكر سنة تسع، ومع النبي صلّى الله عليه وسلّم سنة عشر، وكان قد بلغ المائة، وقال أبو عمر: كان ممن عاش في الجاهلية ستين وفي الإسلام ستين مات في خلافة يزيد بن معاوية.
(٥) وفي الشيخين حاصر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أهل الطائف فلم ينل منهم شيئا فقال: إنا قافلون إن شاء الله، قال: أصحابه ترجع ولم تفتحه، فقال لهم النبي صلّى الله عليه وسلّم: اغدوا على القتال فغدوا عليه، فأصابهم جراح فقال لهم النبي صلّى الله عليه وسلّم: إنا قافلون غدا. قال فأعجبهم ذلك فضحك النبي صلّى الله عليه وسلّم.
(٦) رواه الترمذي بلفظ ما عدا (وائت بهم مسلمين) بسند صحيح.

<<  <   >  >>