للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محمد أو أحمد ويصدّقه في القران قول الله تعالى في سورة الصف: وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ «١» وقد وصف المسيح هذا الفارقليط بأوصاف لا تنطبق إلّا على نبيّنا فقال: إنه يوبخ العالم على خطيئته وإنه يعلمهم جميع الحق لأنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بكل ما يسمع، وهذا ما ورد في القران الكريم في سورة النجم: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى «٢» وقد ورد في إنجيل برنابا الذي ظهر منذ زمن قريب وأخفته حجب «٣» الجهالة ذكر اسم الرسول عليه الصلاة والسلام صراحة.

[حركة الأفكار قبل البعثة]

وهذا يسهّل لك فهم الحركة العظيمة من الأحبار والرهبان قبيل البعثة فكان اليهود يستفتحون على عرب المدينة برسول منتظر. فقد حدّث عاصم بن عمرو بن قتادة عن رجال من قومه قالوا: إنما دعانا للإسلام مع رحمة الله تعالى لنا ما كنا نسمع من أحبار يهود، كنا أهل شرك وأصحاب أوثان وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور، فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا: قد تقارب زمان نبي يبعث الان نقتلكم معه قتل عاد وإرم. فكثيرا ما نسمع ذلك منهم. فلمّا بعث الله رسوله محمدا صلّى الله عليه وسلّم أجبنا حين دعانا إلى الله وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به، فبادرناهم إليه فامنا وكفروا، وإنما قال لهم اليهود: نقتلكم معه قتل عاد وإرم لأن من صفته عليه الصلاة والسلام في كتبهم أن هذا النبي يستأصل المشركين بالقوة، ولم يكونوا يظنون أن الحسد والبغي سيتمكنان من أفئدتهم فينبذون الدين القيم فيحقّ عليهم العذاب في الدنيا والاخرة. وكان أمية بن أبي الصلت «٤» المتنصر العربي كثيرا ما يقول: إني لأجد في الكتب صفة نبي يبعث في بلادنا. وحدّث سلمان الفارسي رضي الله عنه عن نفسه أنه صحب قسيسا «٥»


(١) اية ٦.
(٢) اية ٣- ٤.
(٣) ترجم إلى العربية وهو الان مطبوع بمصر، المؤلف.
(٤) قاله ابن اسحاق.
(٥) صاحب عمورية، والذين صحبوا سلمان من النصارى كانوا على الحق على دين عيسى بن مريم وكانوا بضعة عشر. وفي البخاري تداول سلمان بضعة عشر من رب إلى رب.

<<  <   >  >>