للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبعا راكبا على راحلته، وكان إذا صعد الصفا: يقول: «لا إله إلّا الله، الله أكبر، لا إله إلّا الله واحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب واحده» «١» وفي الثامن من ذي الحجة توجّه إلى منى فبات بها.

[خطبة الوداع]

وفي التاسع منه توجّه إلى عرفة، وهناك خطب خطبته الشريفة التي بيّن فيها الدّين كله أسه وفرعه وهاك نصّها:

الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستعفره، ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له، ومن يضل فلا هادي له، وأشهد ألاإله إلّا الله واحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله: أوصيكم عبّاد الله بتقوى الله وأحثّكم على طاعته واستفتح بالذي هو خير، أما بعد: أيها الناس اسمعوا منّي أبيّن لكم فإني لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا، أيها الناس إنّ دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربّكم، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة فليؤدّها إلى من ائتمنه عليها. إنّ ربا الجاهلية موضوع «٢» ، وإنّ أول ربا أبدأ ربا عمي العباس بن عبد المطلب، وإنّ دماء الجاهلية موضوعة وأوّل دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث «٣» ، وإنّ ماثر الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية، والعمد قود، وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر وفيه مائة بعير، فمن زاد فهو من أهل الجاهلية. أيها الناس إنّ الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه، ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم.

أيها الناس: إن النسيء «٤» زيادة في الكفر يضلّ به الذين كفروا يحلّونه عاما،


(١) رواه مسلم في الحج باب حجة النبي.
(٢) أي باطل.
(٣) كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل.
(٤) كانت العرب تحرم أربعة أشهر ثلاثة متواليات وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وشهر رجب، وكانوا ربما استطالوا هذه الأشهر المتوالية لحاجتهم إلى الحرب والقتال، فأحلوا المحرم، وحرموا صفرا من العام المقبل، فهذا هو الذي عابه القران عليهم لأتباعهم الهوى في عقيدتهم. (المؤلف) .

<<  <   >  >>