للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[السنة الحادية عشرة]

سرية «١»

لأربع بقين من صفر جهّز عليه الصلاة والسلام جيشا برياسة أسامة بن زيد إلى أبني «٢» حيث قتل زيد بن حارثة والد أسامة وقال له: «سر إلى موضع قتل أبيك، فأوطئهم الخيل، فقد ولّيتك هذا الجيش، فأغر صباحا على أهل أبنى، وحرّق عليهم، وأسرع السير لتسبق الأخبار، فإن أظفرك الله فأقل اللبث فيهم، وخذ الأدلّاء، وقدم العيون والطلائع معك» . وكان مع أسامة في هذا الجيش كبار المهاجرين والأنصار، منهم أبو بكر وعمر «٣» وأبو عبيدة وسعد. ثم عقد عليه الصلاة والسلام لأسامة اللواء، وقال له: أغز باسم الله في سبيل الله، وقاتل من كفر بالله. وقد انتقد جماعة على تأمير أسامة وهو شاب لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره على جيش فيه كبار المهاجرين، فأبلغ الرسول هذه المقالة فغضب غضبا شديدا، وخرج فقال: أما بعد أيها الناس فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة، ولئن طعنتم في تأميري أسامة، لقد طعنتم في تأميري أباه من قبله؟! وايم الله إن كان لخليقا بالإمارة، وإن ابنه من بعده لخليق بها «٤» ، وإن كان لمن أحبّ الناس إليّ «٥» ، وإنهما لمظنة لكل خير، فاستوصوا به خيرا، فإنه من خياركم. ولم يتم لهذا الجيش الخروج في عهد المصطفى صلّى الله عليه وسلّم لأنّ المرض بدأه فاختاره الله


(١) هي سرية أسامة بن زيد إلى أهل أبني.
(٢) محل قريب من مؤتة (المؤلف) .
(٣) الصحيح أن أبا بكر وعمر لم يكونا في بعث أسامة، بدليل أنهما كانا في المدينة يوم وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، في حين كان جيش أسامة خارجها.
(٤) لجدير.
(٥) رواه الإمام مالك ورواه الشيخان عن أن عمر أنه صلّى الله عليه وسلّم بعث بعثا وأمر عليهم أسامة بن زيد، فطعن الناس في إمارته، فقام صلّى الله عليه وسلّم، فقال «إن تطعنوا في امارته، فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وايم الله إن كان خليقا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إليّ، وإن هذا لمن أحب الناس إليّ بعده» .

<<  <   >  >>