للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشقت عصا الألفة حالفوا اليهود على أنفسهم، فحالف الأوس بني قريظة، وحالف الخزرج بني النضير وبني قينقاع واخر الأيام بينهم يوم بعاث قتل فيه أكثر رؤسائهم ولم يبق إلّا عبد الله بن أبي بن سلول من الخزرج، وأبو عامر الراهب من الأوس، ولذلك كانت عائشة تقول: كان يوم بعاث يوما قدّمه الله لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد خطر ببال رؤساء الأوس أن يحالفوا قريشا على الخزرج، فأرسلوا إياس بن معاذ وأبا الحيسر أنس بن رافع مع جماعة يلتمسون ذلك الحلف في قريش، فلما جاؤوا مكة جاءهم رسول الله وقال: هل لكم في خير مما جئتم له أن تؤمنوا بالله واحده ولا تشركوا به شيئا، وقد أرسلني الله إلى الناس كافة، ثم تلا عليهم القران، فقال إياس بن معاذ: يا قوم هذا والله خير مما جئنا له، فحصبه أبو الحيسر وقال له: دعنا منك لقد جئنا لغير هذا فسكت.

[بدء إسلام الأنصار]

ولما جاء الموسم تعرّض رسول الله لنفر منهم يبلغون الستة، وكلّهم من الخزرج وهم أسعد بن زرارة «١» ، وعوف بن الحارث من بني النجار، ورافع بن مالك من بني زريق، وقطبة بن عامر من بني سلمة، وعقبة بن عامر من بني حرام، وجابر بن عبد الله من بني عبيد بن عدي، ودعاهم إلى الإسلام وإلى معاونته في تبليغ رسالة ربه، فقال بعضهم لبعض: إنه للنّبيّ الذي كانت تعدكم به يهود فلا يسبقنّكم إليه، فامنوا به وصدّقوه، وقالوا: إنّا تركنا قومنا بينهم من العداوة ما بينهم، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك، ووعدوه المقابلة في الموسم المقبل، وهذا هو بدء الإسلام لعرب يثرب.

العقبة الأولى «٢»

فلمّا كان العام المقبل قدم اثنا عشر رجلا، منهم عشرة من الخزرج، واثنان من الأوس وهم: أسعد بن زرارة، وعوف ومعاذ ابنا الحارث، ورافع بن مالك،


(١) كنيته أبو أمامة، وكان نقيبا شهد العقبة الأولى والثانية ومات قبل بدر في السنة الأولى من الهجرة ودفن بالبقيع وهو أول مدفون به من الأنصار.
(٢) هي العقبة التي تضاف إليها الجمرة فيقال جمرة العقبة وهي على يسار القاصد منى من مكة، وذلك سنة اثنتي عشرة من النبوة (٦٢١ م) .

<<  <   >  >>