للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سرية «١»

وفي شوال أرسل عبيدة بن الحارث «٢» بن عم حمزة في ثمانين راكبا «٣» من المهاجرين، وعقد له لواء أبيض حمله مسطح بن أثاثة «٤» ليعترض عيرا لقريش، فيها مائتا رجل، فوافوا العير ببطن رابغ «٥» فكان بينهم الرمي بالنبل، ثم خاف المشركون أن يكون للمسلمين كمين فانهزموا، ولم يتبعهم المسلمون، وفرّ من المشركين إلى المسلمين المقداد بن الأسود وعتبة بن غزوان وكانا قد أسلما وخرجا ليلحقا بالمسلمين.

[وفيات]

وفي هذه السنة توفّي من المهاجرين عثمان بن مظعون أخو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الرضاع أسلم قديما، وهاجر الهجرتين، ولما دفن أمر عليه الصلاة والسلام بأن يرشّ قبره بالماء، ووضع على قبره حجرا، وقال: أتعلّم به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي، وهذا كان القصد من وضع الأحجار على المقابر لا ما يقصده أهل العصور الأخيرة من تشييد الهياكل على القبور، وتصويرها بصور ترى في عين الناظر كالأصنام، ليأتي أقارب الميت ويصنعوا عندها احتفالات كثيرة، تشبه ما كان يفعله مشركو مكّة عند معابدهم، ومن العبث فعل شيء لم يفعله رسول الله ممّا يتعلّق بأمور الاخرة.

ومات من الأنصار أسعد بن زرارة أحد النقباء الاثني عشر كان رضي الله عنه نقيب بني النجار، ولمّا مات اختار رسول الله نفسه للنقابة عليهم لأن ابن أخت القوم منهم، ومات أيضا البراء بن معرور أحد النقباء، وهو الذي كان يتكلّم عن القوم في العقبة الثانية، ومات من مشركي مكّة في هذه السنة الوليد بن المغيرة، ولما احتضر جزع، فقال له أبو جهل ما جزعك يا عم، فقال: والله ما بي من جزع الموت، ولكن أخاف أن يظهر دين ابن أبي كبشة بمكّة، فقال: أبو سفيان لا


(١) هي سرية عبيدة بن الحارث إلى بطن رابغ.
(٢) في الأصل ابن عم حمزة وهو خطأ.
(٣) ذكر ابن كثير في سيرته أن عددهم كان ستين.
(٤) اسمه عوف ومسطح لقبه، أسلم قديما، ومات سنة ٣٤ هـ في خلافة عثمان.
(٥) واد بين الحرمين قرب البحر (المؤلف) .

<<  <   >  >>