للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غزوة العشيرة «١»

وأعقب رجوعه عليه السلام خروج قريش بأعظم عير لها، فقد جمعوا فيها أموالهم حتى لم يبق بمكة قرشي أو قرشية لها مثقال فصاعدا إلا بعث به في تلك العير، وكان يرأسها أبو سفيان بن حرب «٢» ومعه بضعة وعشرون رجلا، فخرج لها الرسول في جمادى الأولى، ومعه مائة وخمسون من المهاجرين، واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد، وحمل لواءه عمه حمزة، ولم يزل سائرا حتى بلغ العشيرة فوجد العير قد مضت، وحالف عليه الصلاة والسلام في هذه الغزوة بني مدلج وحلفاءهم، ثم رجع عليه الصلاة والسلام إلى المدينة ينتظر هذه العير حينما ترجع.

[غزوة بدر الأولى]

وبعد رجوعه عليه الصلاة والسلام بقليل جاء كرز بن جابر الفهري «٣» ، وأغار على سرح «٤» المدينة وهرب، فخرج الرسول صلّى الله عليه وسلّم في طلبه، واستخلف على المدينة زيد بن حارثة الأنصاري، وحمل لواءه على بن أبي طالب، فسار حتى بلغ سفوان «٥» وفاته كرز فلم يلق حربا، وتسمى هذه الغزوة بدرا الأولى.


(١) العشيرة مصغرة وتروى بالسين والعشير مصغرة بدون هاء في اخره وتروى كذلك بالسين. والعشيراء مصغرة ممدودة وتروى بالسين. والعسيراء اسم مصغر من العسراء أو العسرى وإذا صغر تصغير الترخيم قيل عسيرة، وهي بقلة تكون أذنة أي عصيفة ثم تكون سحاء ثم يقال لها العسرى فروى البخاري عن زيد ابن أرقم فقيل له كم غزا النبي صلّى الله عليه وسلّم من غزوة وقال: تسع عشرة قيل كم غزوت أنت معه؟ قال: سبع عشرة. قلت فأيهم كانت أول؟ قال: العسيرة أو العشير.
(٢) هو والد معاوية، ولد قبل الفيل بعشر سنين، وكان من أشراف قريش في الجاهلية، وكان تاجرا، أسلم يوم الفتح وشهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حنينا وأعطاه من غنائمها مائة بعير وأربعين أوقية، وكانت له كنية أخرى أبو حنظلة بابنه حنظلة المقتول يوم بدر كافرا، وشهد يوم الطائف وفقئت عينه بها، فلم يزل أعور حتى فقئت عينه الاخرى يوم اليرموك ومات سنة ثلاث وثلاثين في خلافة عثمان، وصلّى عليه ابنه معاوية ودفن بالبقيع، وهو ابن ثمان وثمانين سنة.
(٣) كان من رؤساء المشركين قبل أن يسلم ثم أسلم.
(٤) واد من ناحية بدر (المؤلف) .
(٥) هي غزوة سفوان وسفوان وادي من ناحية بدر وقد ذكر ابن اسحاق هذه الغزوة بعد العشيرة قال ابن حزم: بعشرة أيام.

<<  <   >  >>