للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومسكنه على ما تدعوه إليه ضرورته، وزهد فيما سواه.

فكان يلبس ما وجده، فيلبس في الغالب الشّملة، والكساء الخشن، والبرد الغليظ، ويقسم على من حضره أقبية «١» الدّيباج المخوّصة «٢» بالذّهب، ويرفع لمن لم يحضر؛ إذ المباهاة في الملابس والتّزيّن بها..

ليست من خصال الشّرف والجلالة، وهي من سمات النّساء. والمحمود منها نقاوة الثّوب، والتّوسّط في جنسه، وكونه لبس مثله.. غير مسقط لمروءة جنسه.

وفي «المواهب» : إنّ الجمال في الصّورة واللّباس والهيئة ثلاثة أنواع: منه ما يحمد، ومنه ما يذمّ، ومنه ما لا يتعلّق به مدح ولا ذمّ:

فالمحمود منه: ما كان لله، وأعان على طاعة الله تعالى، وتنفيذ أوامره، والاستجابة له؛ كما كان صلّى الله عليه وسلّم يتجمّل للوفود، وهذا نظير لباس الة الحرب للقتال، ولباس الحرير في الحرب، والخيلاء فيه؛ فإنّ ذلك محمود إذا تضمّن إعلاء كلمة الله تعالى، ونصر دينه، وغيظ عدوّه.

والمذموم منه: ما كان للدّنيا، والرّئاسة، والفخر والخيلاء، وأن يكون هو غاية العبد وأقصى مطلبه.

وأمّا ما لا يحمد ولا يذمّ: فهو ما خلا عن هذين القصدين، وتجرّد عن الوصفين، وقد كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا يضيّق بالاقتصار


(١) الأقبية- جمع قباء- وهو: المخيط من اللّباس.
(٢) المخوصة: المزيّنة.

<<  <   >  >>