للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى دخل معها الشعب، فأبطأ عليهم، فقال بعضهم: لو كان حيّا لخرج إليكم، فقالوا:

إنه قد نهاها أن ندعوه باسمه، قال: ادعوه باسمه، فو الله لو كان حيّا لخرج إليكم بعد، فدعوه باسمه، فخرج وهو آخذ برأسه؛ فقال: ألم أنهكم أن تدعوني باسمي؟ قد والله قتلتموني، احملوني وادفنوني، فإذا مرت بكم حمر معها حمار أبتر، وفي رواية فإذا دفنتموني وأتى عليّ ثلاثة أيام فأتوا قبري، فإذا عرضت لكم عانة «١» من حمر وحش وبين يديها عير فانبشوني فإني أقوم فأخبركم ما هو كائن إلى يوم القيامة، فأتوا القبر بعد ثلاث وسنحت لهم الحمر، فأرادوا نبشه، فمنعهم قوم من أهل بيته، وقالوا: لا ندعكم تنبشون صاحبنا فنعير بذلك، وفي رواية: فيكون سبة علينا، فتركوه.

وفي رواية لابن القعقاع بن خليد العبسي عن أبيه عن جده، قال: بعث الله خالد بن سنان نبيا إلى بني عبس، فدعاهم فكذبوه، فقال قيس بن زهير: إن دعوت فأسيل علينا هذه الحرة نارا اتبعناك؛ فإنك تخوفنا بالنار، وإن لم تسل نارا كذبناك، قال: فذلك بيني وبينكم؟

قالوا: نعم، قال: فتوضأ ثم قال: اللهم إن قومي كذّبوني ولم يؤمنوا برسالتي إلا أن تسيل عليهم هذه الحرة نارا، فأسلها عليهم نارا، قال: فطلع مثل رأس الحريش «٢» ، ثم عظمت حتى عرضت أكثر من ميل، فسالت عليهم، فقالوا: يا خالد ارددها فإنا مؤمنون بك، فتناول عصا ثم استقبلها بعد ثلاث ليال فدخل فيها فضربها بالعصا، فلم يزل يضربها حتى رجعت، قال: فرأيتنا نعشى الإبل على ضوء نارها ضلعا الربذة وبين ذلك ثلاث ليال.

[قف على كرامة لتميم الداري]

وروى له ابن شبة أخبارا أخرى مع قومه، وروى البيهقي في دلائل النبوة في باب «ما جاء في الكرامة التي ظهرت على تميم الداري شرفا للمصطفى صلّى الله عليه وسلّم وتنويها باسم من آمن به، عن معاوية بن حرمل، وذكر خبرا في قدومه المدينة، وقول عمر له: اذهب إلى خير المؤمنين فانزل عليه، ثم قال: فبينا نحن ذات يوم إذ خرجت نار بالحرة، فجاء عمر رضي الله عنه إلى تميم الداري رضي الله عنه، فقال: قم إلى هذه النار، فقال: يا أمير المؤمنين ومن أنا؟ قال: فلم يزل به حتى قام معه، قال: وتبعتهما فانطلقا إلى النار، فجعل تميم يحوشها «٣» بيده حتى دخلت الشعب، ودخل تميم خلفها، فجعل عمر يقول: ليس من رأى كمن لم ير، قالها ثلاثا، والله أعلم.


(١) العانة: القطيع من حمر الوحش. العير: الحمار.
(٢) الحريش: جنس حيوانات من كثيرات الأرجل الشفوية.
(٣) حاش- الدواب- حوشا: ساقها وجمعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>