للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم عمر بن الخطاب، وأخوه زيد، وطلحة بن عبيد الله، وصهيب، وحمزة بن عبد المطلب، وزيد بن حارثة، وعبيدة بن الحارث، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير، وعثمان بن عفان، وغيرهم، حتى لم يبق معه صلّى الله عليه وسلّم بمكة إلا علي بن أبي طالب والصديق رضي الله عنهما، كذا قاله ابن إسحاق وغيره، والظاهر أن المراد لم يبق من أعيانهم؛ لما روي من أن من كان بمكة ممن يطيق الخروج من المسلمين خرجوا بعد خروجه صلّى الله عليه وسلّم من مكة، فطلبهم أبو سفيان وغيره من المشركين، فردوهم وسجنوهم، فافتتن منهم ناس؛ ففي هذا دلالة على بقاء جماعة غير الصديق وعلي رضي الله عنهما مع النبي صلّى الله عليه وسلّم حينئذ، فلما رأت قريش ذلك علموا أن أصحابه قد أصابوا منعة، ونزلوا دارا، فحذروا «١» خروج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إليهم، فاجتمعوا بدار الندوة ليأتمروا في أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وفيهم أبو جهل، وزعم ابن دريد في الوشاح أنهم كانوا أنهم كانوا خمسة عشر رجلا، وفي المولد لابن دحية كانوا مائة رجل، وجاءهم إبليس في صورة شيخ نجدي فقال: أدخلوني معكم، فلن تعدموا مني رأيا، فأدخلوه، فقال بعضهم: نخرجه من بين أظهرنا، وقال آخرون: بل نحبسه ولا يطعم حتى يموت، فقال أبو جهل: قد رأيت أصلح من رأيكم: أن يعطى خمس رجال من خمس قبائل سيفا سيفا فيضربونه ضربة رجل، فيتفرق دمه في هذه البطون، فلا يقدر لكم بنو هاشم على شيء، فقال النجدي: لا أرى غير هذا، فأخبر جبريل النبي صلّى الله عليه وسلّم فأنزل الله على نبيه: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ [الأنفال: ٣٠] فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لعلي: نم على فراشي وتسجّ ببردي فلن يخلص إليك منهم أمر، فترد هذه الودائع إلى أهلها، لأن كفار قريش كانت تودع عنده لأمانته، وكان اسمه عندهم الأمين الصادق، وأتى النبي صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر الصديق فأعلمه، وقال: قد أذن لي، فقال: الصحبة يا رسول الله، وكان إنما حبس نفسه عليه لما ثبت في الصحيح أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما ذكر لأصحابه رؤياه المتقدمة هاجر من هاجر منهم قبل المدينة ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة، وتجهز أبو بكر قبل المدينة، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي، فقال له:

وهل ترجو ذلك بأبي أنت وأمي؟ قال: نعم، فحبس نفسه على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليصحبه، وكان عمر قد تقدم إلى المدينة، وعلف أبو بكر راحلتين كانت عنده الخبط «٢» أربعة أشهر، فعرض على النبي صلّى الله عليه وسلّم إحداهما، فقال: بالثمن، وفي رواية ابن إسحاق قال: لا أركب بعيرا ليس هو لي، فقال: فهو لك، قال: لا ولكن بالثمن الذي ابتعتها به، قال: أخذتها


(١) حذروا: قدّروا واعتقدوا.
(٢) الخبط: ما سقط من ورق الشجر بالخبط والنفض.

<<  <  ج: ص:  >  >>